يرى بعض المواطنين الذين يتابعون ما ينشر على صفحات الجرائد، أن الصحافة في الجزائر قطعت أشواطا واكتسبت اليوم تجربة إعلامية هامة، كما يرون أن الصحافة تلعب دورا هاما، يكمن في دور الوسيط بين المجتمع والسلطة، فهي تنقل انشغالات المواطنين إلى المسؤولين وتمارس أيضا رقابة على نشاط السلطات، كما أنها تبقى أداة أساسية في معالجة قضايا هامة ذات صلة بسير هياكل الدولة والمجتمع· كيف يرى القراء والمواطنون تجربة الصحافة في الجزائر؟ هل يلعب الصحفي الدور المنوط به؟ هي بعض الأسئلة التي حاولت طرحها على مواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية، الذين يرون بأن تجربة الصحافة الجزائرية، تجربة إعلامية تكاد تكون منفردة مقارنة بنظيراتها في المنطقة العربية، ففي هذا الشأن يقول "سعيد· ب"، متقاعد ورب عائلة، أن الصحافة الجزائرية تحولت إلى صحافة متعددة من حيث الملكية ومن حيث التوجهات السياسية والإيديولوجيات، وذلك منذ مطلع التسعينيات، كما أنها مثلت مفصلا هاما وكانت أداة أساسية في معالجة قضايا هامة، وكشف الغطاء عن قضايا الفساد والرشوة كقضية البنك الوطني الجزائري وقضية خليفة وقضايا أخرى لتجاوزات المسؤولين··· من جهة أخرى، يقول "عمي سعيد"، أن الصحافة المكتوبة على وجه الخصوص، شهدت بداية التسعينيات صدور، عناوين عديدة جسدت طموحات الصحفي الجزائري في إعلام حر يخدم الوحدة الوطنية وتطلعات الجماهير إلى إعلام موضوعي·· موضحا أن المحيط القانوني في الجزائر ساعد على وجود حرية إعلامية وتعددية الصحف، وهو ما جعل من الجزائر بلدا له السبق في بناء صحافة حرة، هي اليوم مثل على الصعيد العربي وحتى الدولي· من جهته، يرى "عبد القادر· د"، أستاذ جامعي، أن الصحافة الجزائرية تعتبر الأكثر حرية على مستوى منطقتها الجغرافية، فعدد العناوين التي تصدر يعكس حسبه الآراء وتيارات الفكر والواقع الاجتماعي السائد في الجزائر· أما "خالد· م"، إداري، فيقول أن دور الصحافة يكمن بالخصوص في الإعلام والإخبار، كما أنها تمارس أيضا رقابة على السلطات الأخرى (السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية)، مما يجعل منها السلطة الرابعة، فهناك قضايا كثيرة لا تعد ولا تحصى انفجرت حسبه في السنوات الأخيرة ووصلت إلى الرأي العام عن طريق الصحافة، فالجرائد والصحف تتحدث يوميا عن سوء التسيير وتعاطي الرشوة والتجاوزات والاختلالات في سير هياكل الدولة والمجتمع· "حسناء"، مسؤولة مصلحة بمؤسسة عمومية، ترى أن الصحافة تتناول مسائل عديدة لها صلة مباشرة بالمجتمع، موضحة أن الدور الأساسي للصحافة هو الإعلام والإخبار بكل ما يدور من أحداث في البلاد وفي العالم، لكن الصحفي يبقى ملزما حسبها بعدم السقوط في متاهات القذف والشتم ويجب أن يحترم قيم ودين الأمة·· وهو ما تؤكده المحامية "كريمة ·ل" التي ترى أن حرية الصحافة مقدسة على حد تأكيدها، لكن هناك طرق وأساليب لنقل الأخبار، وعلى الصحافة أن تحتر م قواعد المهنة وأخلاقياتها كما يحصل في أية مهنة أخرى· أما "جيلالي· ق" موظف بالبنك، فيقول أن على الصحافة الاستمرار في التنديد والكشف عن الممارسات المشبوهة من سوء التسيير والتلاعب بالمال العام، وهو يرى في هذا الشأن أن الصحافة تؤدي دورها الإعلامي كما يجب، فهي تنبه في كل مرة إلى الخلل الموجود في المجتمع· كما يعتبر جيلالي أن الصحافة الجزائرية نجحت في السنوات الأخيرة لتكون وسيطا بين المواطن والسلطة، وهي تتحدث حسبه باسم جميع المواطنين وتمثلهم من خلال التبليغ بانشغالاتهم للمسؤولين في البلد· وعبر "جيلالي" عن مساندته لحرية الرأي والتعبير، لكنه يقول أن هناك حدودا لا يجب ألا يتجاوزها الصحفي، ففي نظره، لا يحق للصحافة المساس بالحياة الخاصة للأفراد وقذف الشخصيات· ويجمع كل من تحدثنا إليهم، على أن الصحافة الجزائرية مدعوة اليوم إلى المشاركة بطريقة فعالة ضمن حدود أخلاقيات المهنة وضمن أطر المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام، في إنجاح مشروع إقامة مجتمع جزائري يتطلع إلى مستقبل أفضل ضمن مبادئ الديمقراطية ودولة القانون واحترام الرأي والرأي الآخر·