مواصلة منها في سلسلة التكريمات التي دأبت وزارة الثقافة على تنظيمها، خصصت سهرة أول أمس للوقوف عرفانا لواحد من أعمدة الأغنية القبائلية الذي سخر حياته الفنية للمحافظة على الموروث الغنائي المحلي وترقيته، إذ احتضنت قاعة الموقار بالجزائر العاصمة حفلا بهيجا على شرف الفنان طالب رابح بحضور جمهور غفير من محبيه ورفاق دربه من الفنانين والمبدعين. الحفل الذي أشرفت عليه وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، استهل بتقديم فيلم وثائقي حول مسيرة الفنان طالب رابح، وتم تسليط الضوء على أهم المحطات التي عاشها صاحب أغنية "ايفوك الزيت" (انتهى الزيت)، الذي اشتهر بها وأنتجها سنة 1959 عن منشورات باركلاي وهو أول عمل سجله في أسطوانة. وقامت السيدة خليدة تومي في ختام الحفل بتقديم شهادة تقديرية للفنان طالب رابح وكذا علبة ألبوم تحمل جميع أغاني الفنان الذي عبر عن سعادته بهذا التكريم، وفي تصريح أدلت به للصحافة قالت "إن تكريم طالب رابح اليوم هو واجب لفنان ومجاهد كبير بحجمه يتميز بشخصية فريدة جدا"، وأردفت "أدعو الشباب إلى الاقتداء به وستسعى الوزارة إلى تزويد رفوف المكتبات بالتسجيلات الخاصة به لمن يريد التعرف عليه أكثر حتى يكون حافزا للإبداع". ولد طالب رابح في 1930 بقرية تيزيت في عين الحمام (تيزي وزو) ودخل عالم الكتابة والتلحين سنة 1956، كما ناضل أثناء الثورة التحريرية تحت لواء جبهة التحرير الوطني سنة 1957 عندما كان بباريس، إذ استعمل نشاطه الغنائي كتمويه لربط اتصالات ضرورية من أجل التنقل السري للمناضلين عبر مدينة باريس. وأدى الفنان عدة أغان لدى ولوجه إلى الإذاعة والتلفزيون الجزائري، كما شارك في جولات فنية عبر مختلف مناطق الوطن رفقة شخصيات فنية أمثال شريف خدام وبوجمعة العنقيس وقاسي تيزي وزو. ويمثل مجموع إنتاجه الفني 150 أغنية فضلا عن سبعة أغان زودها إياه الفنان كمال حمادي، ومن أشهر الأغاني التي عرف بها الفنان منها "أشوغار أيوليو" (لماذا يا قلبي) و«أيا غريب يجان تمورث" (أيها المتغرب الذي ترك البلاد) و«أتسرونت والنيو" (بكت عيناي). وتميز الحفل بحضور عدة وجوه فنية معروفة من الجيل الجديد ومن الذين رافقوا الفنان أمثال آكلي يحياتن وكمال حمادي وأنيسة ومولود حبيب. ونشط السهرة مجموعة من المطربين أمثال رشيد كسيلة ونجل الفنان عبد القادر طالب والمطربة الواعدة نورية وكنزة، إضافة إلى المطرب طالب طاهر، واستطاع هؤلاء الفنانين إعادة ما أبدع الفنان طالب رابح وتمكنوا عبر أدائهم من استقطاب تجاوب الجمهور الذي حضر بقوة. يذكر أن وزارة الثقافة تضرب موعدا آخرا مع تكريم آخر يوم 11 أوت المقبل بقاعة الموقار، مع صاحب الأغنية الشهيرة "الشمعة والقنديل" المطرب حسن السعيد، ثم يليه بعد شهر رمضان تكريم الفنان آكلي يحياتن. وقد قامت الوزارة بإصدار علب ألبومات لكل الفنانين المكرمين والذين سيكرمون والمقدر عددهم 500 فنان من خيرة ما أنجبت الجزائر الأحياء منهم والأموات.