لاتزال العيون دامعة والقلوب داعية على فقدان رجال ونساء الاعلام الجزائري، في عشرية حمراء، حصدت فيها آلة الموت أرواح أبرياء لا يعرفون إلا كلمة الحق، هي مهنة المتاعب، اختارها الكثيرون لخدمة أغراض وأهداف وطنية نبيلة، أو قدر محتوم على هؤلاء الذين جعلوا القلم سلاحهم لمحاربة الفساد وتنوير الرأي العام بكل شفافية ومصداقية بحقائق ومستجدات تعكس الواقع الجزائري المعيش. الطاهر جاووت، عمر أورتيلان، العاقل ياسر، اسماعيل يفصح، ياسمينة دريسي، نعيمة حمودة، زبيدة بركان، مسعود بلاش، محمد قصاب... وآخرون، رجال ونساء أحبوا مهنة الصحافة واختاروها عن قناعة، فتحولت هذه المهنة من البحث عن الحقيقة الى مشاهد الموت في الوسط الإعلامي، ذنبهم الوحيد أنهم صحفيون. اليوم، وفي ذكرى اليوم العالمي للصحافة، لا يسعنا إلا أن نقف وقفة ترحم واجلال ثناء على أرواحهم الطاهرة وتخليدا لذكراهم المجيدة. هي مناسبة، لإلقاء الضوء على النجاحات التي حققتها الصحافة الجزائرية، التي تعدت الحدود الجغرافية والإيديولوجية، بحثا عن الأنباء والأخبار، فأصبحت حاضرة بقوة في مجال جديد وهو الإعلام الالكتروني، فقد عرف الوسط الإعلامي تطورا في تكنولوجيات وسائل الإتصال، الشبكات العنكبوتية والأقمار الصناعية، لنقل أدق تفاصيل الخبر وآخر التطورات للمستجدات الوطنية والعالمية من موقع الحدث. إن تعددية وحرية الاعلام في الجزائر تجربة ناجحة ومثل يتحذى على الساحة العربية وحتى العالمية، إذ تلقى بعض الصحف الوطنية صدى كبيرا خارج حدود الجزائر، مما يؤكد بجدارة احترافيتها في معالجة الأحداث وتحليلها ومصداقيتها، فالساحة الإعلامية أنتجت عناوين كثيرة، باللغتين العربية والفرنسية، وجرائد ومجلات أضحت متخصصة في مجالات كثيرة كالاقتصاد، الرياضة، القانون، الثقافة والفن وهي مرجع أساسي للباحثين. فحسب الاحصائيات التي قدمتها وزارة الاتصال مؤخرا، تعد الصحافة الجزائرية "291 عنوانا منهما 65 جريدة يومية، 32 منها ناطقة باللغة العربية و33 باللغة الفرنسية"، حضور قوي ومتميز، لتقديم خدمات أساسية للمواطن برفع انشغالاته الى السلطة وتسليط الضوء على الظواهر التي يصادفها في حياته اليومية ومحاولة معالجتها، مما نسج روابط بين المواطن والصحافة، فأصبح يترقب صدورها كل يوم بشغف كبير. أخيرا، لا يفوتنا أن نهنئ أنفسنا والأسرة الاعلامية، بصدور القانون الأساسي الذي ينظم مهنة الصحافة، في إطار قانوني يحمي الحقوق المادية والمعنوية للصحفي، أملا منا أن تنتهي معاناة الصحفي الذي ضحى ومازال يضحي ويغامر بحياته للوصول الى الحقيقة وتبليغها الى الناس، إيمانا ووعيا منه أن الكلمة أقوى من الرصاصة.