حدثتنا الإعلامية البارزة والناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة ورئيسة جمعية'' المرأة في اتصال'' السيدة نفيسة لحرش بإسهاب عن بداياتها الصحفية عن واقع الإعلام الجزائري بكل ما يحمله من ايجابيات وسلبيات ، وعن مسيرة انطلقت بنجاح منذ أكثر من عشرين سنة ومازالت تسير بنفس الخطى ثابتة ثبات مبادئها التي آمنت بها وعملت على تحقيقها بمساعدة القلم الذي كان وفيا لصاحبته و لميثاق الكلمة . كيف كانت أولى خطوات نفيسة لحرش في مهنة المتاعب؟ -دخولي الى عالم الصحافة والإعلام كان عن حبي لهذا التخصص، الذي لم يكن يجمع في بداية السبعينيات إلا عددا قليلا جدا من النساء اللاتي شكل وجودهن استثناء في عالم الصحافة آنذاك، قمت بتغطية عدة فعاليات ومؤتمرات كان الجميع فيها من مدعوين او منظمين او حتى من الصحافة رجال كنت المرأة الوحيدة بينهم جميعا، وكنا في ذلك الوقت نشكل أقلية. لكننا أعطينا مثلا في التضحية لأجل المهنة، أعطينا مثلا في التساوي مع الرجل من حيث نوعية الكتابات وحب المغامرة وعدم التخوف من المخاطر، وبدورنا ساهمنا كإعلاميات في تطوير هذه المهنة وفتح الباب أما أجيال أخرى محبة للعمل الصحفي، انتقلت للعمل من جريدة إلى أخرى كما عملت في مجلة الوحدة التي كانت تعتبر يومها أكثر قنوات الإعلام انفتاحا، وكنت المرأة الوحيدة بين كل الصحافيين الرجال العاملين بالمجلة، وكان عليّ بذل قصارى جهدي كي أنال نفس القبول، وضاعفت جهودي وتمكنت من إثبات وجودي بينهم . ما هو تقييمك للوضع الإعلامي الجزائري وأنت واحدة ممن عايشوا مراحل مختلفة في هذه المسيرة؟ -لا يمكن إعطاء صورة واضحة عن الوضع الإعلامي في الجزائر، كما لا يمكن وصفه بالسوداوي بشكل كلي لأن فيه بعض الايجابيات، لكن ما يلاحظ هو أن الصحافة الجزائرية رغم أعدادها الكبيرة الموجود في السوق إلا أن جميعها صحيفة واحدة تخرج كل صباح بأسماء مختلفة، والمؤسف أننا نفتقد لصحافة الرأي وقليلة هي الصحف التي تكتب بموضوعية، وتملك رأيا واضحا كنت أتمنى أن يكون الإعلام في الجزائر أحسن مما هو عليه الآن خاصة من حيث افتقاد الكثير من العناوين للمهنية. كما يجب أن تخلق الصحافة الجزائرية المنافسة فيما بينها على أسس مهنية خالصة، من اجل خدمة المجتمع وتنوير الرأي العام، كما أن الوصول إلى توثيق مصدر الخبر غير مطروح بجدية على الساحة الإعلامية وعندما تتوفر فينا هذه الشروط نصبح قادرين على المنافسة الداخلية، وحتى الخارجية. بما أن العالم يشهد ثورة إعلامية كبيرة لا يمكننا حجز مكان وسطها إذا كنا لا نملك مفتاح المهنية في معالجة الخبر ونتحرى الموضوعية في تحليله . تنتمين لجمعية لها باع طويل في مكافحة التمييز ضد المرأة والمطالبة بحقوقها، وهي ''جمعية نساء في اتصال'' بالإضافة الى عملك الصحفي، كيف تقيمين تجربة المرأة الإعلامية في معالجة قضاياها بقلمها؟ لم اقتنع بما قدمته الإعلاميات الجزائريات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، وكتابة معاناتها بأقلام نسوية، مع أنهن يشكلن أكثر من 50 بالمائة في الحقل الإعلامي بمختلف تخصصاته. أتمنى أن تكون المرأة العاملة في هذا المجال قادرة على صنع القرار الإعلامي، قادرة على الإبداع ، وتتمكن من فتح المجال للتعبير عن قدراتها وقدرات باقي النساء. ما نريده من المرأة الإعلامية هو أن تكون فاعلة وتتمكن من إحداث التغيير، كما أن هناك العديد من المشاكل التي تعترض المرأة يوميا يتم التعتيم عنها من قبل الإعلاميين من الجنسين ولا يتم التطرق إليها مثل ما حصل مؤخرا في مدينة حاسي مسعود من اعتداء على النساء، وهي القضية التي لم تتطرق لها إلا جريدة واحدة فقط. نحن لا نرفض فكرة أن يعاقب من يسئ إلى القانون العام، لكننا نرفض أن تتم معاقبة النساء بتلك الطريقة، هناك محاكم تعالج مثل هذه القضايا وهي المخولة بالحكم على هؤلاء النساء بعد الاستماع إليهن، وانوه في هذا المجال إلى ضرورة أن يتطور أداء الإعلاميات الجزائريات فيما يتعلق بطرح القضايا التي تخص المرأة، والصعوبات التي تواجهها يوميا في المجتمع، فالموجودات منهن تعجزن عن طرح القضايا بصورة جيدة، فيجب على الصحفية أن تكون إنسانة قبل كل شيء وهي قادرة على إيصال معاناة المرأة بصورة أفضل مما لو كتب عن ذلك الرجل . ما هي صفات الإعلامية المتميزة في نظرك؟ الإعلامية المتميزة هي التي تسعى لان تكون كتابتاها ذات مصداقية تتحرى المصدر تعمل أن يكون مقالها مؤثرا وله القدرة على الوصول الى صناع القرار كما يجب على الإعلامية ان تتفاعل مع قضاياها ومناقشتها بجدية، وهوة ما يخلق منها إعلامية متميزة وحقيقية لا يمكن ألا يتعدى دور مشاركة المرأة في العمل الصحفي على تحضير صفحات الطبخ أو التجميل، بينما يمكن لها ان تصنع المعجزات بقلمها لو منحت لها الفرصة الكافية، نريد من الإعلامية الجزائرية أن تتحلى بالوعي اللازم الذي يمكنها من قول كلمتها والوصول الى ان تكون هي الأخرى صانعة قرار.