شكل العمل السينوغرافي وبروز الطاقات الشبانية فوق الخشبة ميزة أغلب العروض المسرحية للطبعة ال7 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي أسدل الستار عليه أول أمس بالجزائر العاصمة. واستمتع الجمهور على مدار13 يوماً من المنافسة بمختلف العروض المسرحية التي عولجت عبر نصوص درامية وكوميدية تطرقت لمختلف القضايا الاجتماعية وسمحت للفرق المشاركة بالاحتكاك فيما بينها ما خلق منافسة. وافتتحت هذه الطبعة بمسرحية “حصلة” وهي عبارة عن كوميديا اجتماعية تدور حول عالم الشغل كتبها بن عمارة ماحي وأخرجها مجاهير حبيب حيث لاقت ترحيباً كبيراً من قبل الجمهور. وأدى المسرح الجهوي لسيدي بلعباس مسرحية “ماذا ستفعل الآن ..” التي كتب نصها وأخرجها هارون الكيلاني، حيث تناول من خلالها قصة “جلاب” وهو رجل في خريف العمر تتراءى له أشباح أصدقائه الذين ماتوا إثر حادث مرور حيث تميز العرض بديكوره البسيط المتمثل في الغرفة القاتمة التي يعيش فيها “جلاب” والأشباح الذين يفسدون عليه في كل مرة صمته الأليم أو نومه الهافت داخل حوض الاستحمام. وعالجت مسرحية “نساء بلا ملامح” لجمعية النوارس للفنون الدرامية للبليدة المقتبسة عن نص للكاتب العراقي عبد الأمير الشمخي إشكالية المرأة في المجتمعات التسلطية من خلال معاناة ثلاث فتيات جمعهن القدر بعد تعرضهن للاغتصاب الجسدي والفكري، حيث يحولهن المجتمع من ضحايا إلى مجرمات ينبذن ويعزلن عن العالم. ولم تخرج مسرحية “امرأة من ورق” للمسرح الجهوي “عز الدين مجوبي” بعنابة والمقتبسة عن رواية “أنثى السراب” للروائي واسيني الأعرج عن الدراما السيكولوجية، إذ تناولت جانبا من المعاناة الوجدانية للمثقف والفنان من خلال قصة زوجة كاتب تصاب بانهيار نفسي كبير لدى علمها أن زوجها الذي كان في الغيبوبة أفاق وهو ينادي باسم بطلة رواياته “مريم”. وتمازجت الدراما والكوميديا أيضاً في عروض خارج المنافسة حيث استمتع جمهور العاصمة وولايات أخرى بأعمال أجنبية عرف بعضها تكسير للطابوهات على غرار مسرحية “وسع الطريق” لفرقة “يناير تياترو” المصرية التي انتقدت بشكل لاذع الأوضاع السياسية في مصر مابعد “ثورة 25 جانفي”. ومن جهتها، أمتعت فرقة “مسرح المدينة” المغربية مشاهديها بمسرحيتها الكوميدية “الدق .. والسكات” التي تناولت في قالب الفكاهة صراع الزوجين والعنف الأسري في المجتمع المغربي. وتطرقت “الجثة المطوقة” المقتبسة عن مسرحية بنفس العنوان للأديب الجزائري كاتب ياسين وهي من إنتاج فرقة “الربوة” من المسرح الجهوي لتيزي وزو بالتعاون مع “كريارك” الفرنسية لمجازر 8 ماي 1945 التي ارتكبها المستعمر الفرنسي من خلال لوحات تعبر عن كفاح الجزائريين مع إبراز جانب من “التصادم” الذي حصل بين جيل تلك الأحداث وجيل الثورة. وقال المخرج المسرحي محمد الطيب دهيمي أن أهم ما ميز هذه الدورة “بروز حركية كبيرة للطاقات الشبانية”، مشيراً إلى “التعددية في الميولات الفنية التي برزت من خلال تنوع النصوص المسرحية والموضوعات المعالجة” وهذا “يرفع من مستوى العروض المسرحية”. واعتبر من جهته المسرحي بوزيان بن عاشور أن العروض “غلب عليها أكثر الجانب الجمالي وهذا من ميزات التيار الجديد في المسرح حيث يسيطر على الأعمال كل ما هو متعلق بالسينوغرافيا من ديكور وإضاءة وموسيقى” مشيداً في نفس الوقت ب«انفتاح الشباب على مختلف التيارات المسرحية”. وللإشارة، فقد تنافست 17 فرقة مسرحية من مختلف مناطق الجزائر ضمن هذه الطبعة، كما أدت فرق جزائرية ومن بلدان أخرى عروضاً على هامش المنافسة بالعاصمة وتلمسان وتيزي وزو والمدية وعنابة ومغنية والقليعة.