يعرض الحرفي في الحلي التقليدية يوسف نمشي في معرض الصناعة التقليدية بقصر الرياس، قطعا فضية نادرة يعود تاريخ بعضها إلى القرن 19، ويؤكد في حديثه ل«المساء» أن الحلي التقليدية كانت في السابق وسيلة للاتصال بين الأسر والقبائل، ما يؤكد مرة أخرى ان الفضة لها أبعاد ودلالات اجتماعية. وكانت قطعة «تايزيمت» المرصعة بأحجار المرجان والتي تزن 1.4 كلغ أبرز قطعة عرضها الحرفي صنعها جده مسعود عام 1896، وهي عبارة عن «بروش» يعلق على رأس العروس من الجانب الأيمن وقد توارثته نساء العائلة جيلا بعد جيل، حيث تزينت بها العرائس في ذات العائلة وكانت قطعة تجلب إليها الأنظار بفضل الدقة العالية في الصنع وجمالية الألوان..، والى جانب «تايزيمت» فإن الحرفي عرض كذلك قطعة «افزيمن» وهو حزام صنعه والده عام 1940 ويمتاز كذلك بالثقل واستعملت فيه ألوان الأحمر المرجاني والأسود الفضي، وهذا الحزام يوضع على شاكلة «ايشارب» بين كتفي العروس. أما بقية القطع المعروضة فقد تنوعت كثيرا بين التقليدي والعصري من صنع الحرفي نفسه الذي اتبع منحى الوالد والجد فحاول صنع قطع فضية ثقيلة وأصيلة توحي للناظر بمدى جمعها بين الأصالة والإبداع الحقيقي. ومن بين القطع التي عرضت «تايزيمت» العصرية وهي «بروش» عرضت بأنواع وأحجام كثيرة ترضي الأذواق، يقول الحرفي أنها كقطعة حلي تحمل دلالات كثيرة. فالنساء في الزمن الغابر كن يخطبن البنات على أساس موضع «تايزيمت» على جبة الفتاة، فإذا وضعته على الجانب الأيمن فيعني أنها عزباء، وان تم وضعه على الجانب الأيسر فذلك يعني أنها مخطوبة، وإذا ربطت الفتاة حزاما على الجانبين في أعلاه «تايزيمت» فذلك يعني أنها متزوجة. ولا تنتهي سبل التواصل عن طريق الحلي الفضية عند هذا الحد، وإنما تكتسي طابع التباهي بين الأسر، فالمرأة التي تضع «تايزيمت» على رأسها من الجهة اليمنى يعني أنها رزقت بمولود ذكر والكل يدرك معنى إنجاب الذكور في الأسر القبائلية «إنه شرف تواصل النسل» يقول الحرفي. وكذلك يتم تبادل الهدايا من قطع فضية بين الأسر في منطقة القبائل، وهذا له دلالة عن مكانة الأسر وطبعا يختلف «ثقل» الهدية حسب مكانة كل أسرة. وبشيء من الأسف يشير الحرفي يوسف نمشي إلى اندثار أوجه من تلك العادات لأسباب كثيرة أهمها غلاء القطع الفضية، فالفضة معدن نفيس وهو يتأثر بتقلبات البورصات العالمية، ضف إلى ذلك تراجع عدد الحرفيين في الحلي التقليدية لأن شباب اليوم يعتقد أن الصناعة اليدوية لم تعد مهنة المستقبل «ونحن اليوم نشارك في مثل هذه المعارض للتحسيس بأهمية الحفاظ على حرفة الأجداد وتوريثها للأجيال اللاحقة»، يقول الحرفي.