أجمع إطارات من المديرية العامة للأمن الوطني والعدل على استقرار نسب الجريمة في الوسط الحضري وهو ما تؤكده الأرقام التي كشفت عنها مصالح الشرطة، غير أن الشعور بعدم الأمان لدى الفرد الجزائري لا يزال يسيطر على سلوكياته من خلال عدم تردد المواطنين من مختلف الأعمار على حمل الأسلحة البيضاء بمختلف أشكالها رغم صرامة القانون بهذا الشأن، وحسب المختصين فان الشعور بعدم الأمان ليس نتيجة لاستفحال الجريمة، بل لأن ما تسجله مصالح الأمن من جرائم يمس مباشرة المواطن بعيدا عن الجريمة المنظمة، التي لا تزال نسبتها ضعيفة في مجتمعنا. وقد كشفت الندوة الإعلامية، التي نظمتها، أمس، جريدة "ديكا نيوز" حول دور مصالح الأمن في محاربة الجريمة في الوسط الحضري، أن غالبية المتورطين في الجرائم المسجلة ضد الأشخاص والممتلكات هم قصر أو شباب في مقتبل العمر لديهم ميزات وظروف اجتماعية خاصة وفي بعض الأحيان مستقرة غير أن التكفل بهم يستدعي دراسات وهيئات مختصة حتى لا ينحصر دور الشرطة في العقاب والردع فقط ليتعداه إلى التوعية والتحسيس وكذا الوقاية. ويشير عميد الشرطة، السيد بودة عبد الحميد، مدير فرعي بالنيابة مكلف بقضايا الإجرام بمديرية الشرطة القضائية، إلى تسجيل 53512 قضية تتعلق بالمساس بالأشخاص وذلك خلال السداسي الأول من العام الجاري تضاف إليها 26580 قضية أخرى خاصة بالمساس بالممتلكات وذلك عبر كامل ولايات الوطن، ورغم أن الأرقام المقدمة تراجعت مقارنة بالسنوات التي سبقتها، إلا أن ارتفاع نسبة القصر والشباب المتورطين فيها عرف تزايدا محسوسا ومخيفا يستدعي التحرك واليقظة. وقد ساهمت الفوضى المسجلة في الوسط الحضري انطلاقا من فوضى العمران والطرقات وكذا الأسواق في توفير المناخ الملائم لارتفاع الجرائم الماسة بالأشخاص، خاصة جرائم الضرب والجرح العمدي، التي قدرت خلال نفس الفترة بأزيد من 13 ألف قضية تضاف إليها ظواهر جديدة أخذت طريقها نحو التجمعات السكنية الجديدة والقديمة وهي حرب الأحياء والتي انتقلت من 6 حالات سنة 2009 إلى 38 حالة اشتباك على المستوى الوطني بالنسبة للعام الجاري. من جهته، أكد المدير العام لإدارة السجون، السيد مختار فليون، أن عدد الأحداث الموجودين في المؤسسات العقابية تراجع هو الآخر ليستقر في حدود 400 مسجون وهو رقم ضئيل يؤكد استقرار تفشي الجريمة في الوسط الحضري، كما يعكس مدى التكفل الحاصل في الميدان بهذه الشريحة من قبل مصالح الأمن من شرطة ودرك، إضافة إلى العدل التي تبنت استراتيجية خاصة للتكفل بالأحداث المنحرفين مع تأطير وتكوين الأشخاص الذين يتعاملون مباشرة مع الأحداث والنساء بالتعاون مع منظمات دولية معروفة. وقد عمدت مصالح الأمن ضمن سياسة الشرطة الجوارية إلى إنشاء فرق مختصة في متابعة وحماية القصر المتورطين في مختلف الجرائم بتعداد 49 فرقة منتشرة عبر كامل ولايات الوطن، إضافة إلى تنصيب خلايا إصغاء وتوجيه بجميع مراكز الأمن الحضري، ناهيك عن تسطير برنامج تحسيسي واسع يستهدف بالدرجة الأولى أطفال المدارس على اعتبار أن الطفل ناقل جيد للمعلومة، علما أن التركيز على المؤسسات التربوية يعني استهداف أزيد من ثمانية ملايين متمدرس، يضاف إليها أزيد من 17 مليون مصل عبر مساجد الوطن قد تعطي نتائج جيدة وتجنب أبناءنا طريق الانحراف والجريمة. وأشار رئيس خلية الإعلام والاتصال بأمن ولاية الجزائر، محافظ الشرطة، السيد قداوي خالد، إلى تسجيل 600 عملية جوارية مست بشكل خاص المدارس وذلك منذ مطلع العام الجاري، يضاف إليها 120 يوما دراسيا، مؤكدا على ضرورة تفعيل الشراكة مع مؤسسات الإعلام والتربية والمجتمع المدني لمحاربة الجريمة البسيطة، التي تهدد مجتمعنا بشكل كبير رغم ما نسجله من تراجع أو استقرار في الأرقام والإحصائيات المتعلقة بها.