تنتظر مكاتب الاقتراع، اليوم، إقبال أزيد من 21 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم واختيار من يرونهم الأكفأ لتسيير شؤونهم المحلية واحتلال مقاعد المجالس الشعبية البلدية والمجالس الشعبية الولائية من ضمن 8405 قائمة ترشح، منها 7900 قائمة قدمتها أحزاب سياسية، فيما سخرت الدولة لإنجاح هذا الحدث كافة الترتيبات المادية والتقنية الكفيلة بضمان نزاهته وشفافيته التامة، لتبقى بالتالي الكلمة الأخيرة اليوم للشعب المدعو للعب دوره وفرض خياره الحر والسيد. فبالتزامن مع استمرار عملية الاقتراع المزدوج بالصناديق المتنقلة عبر مناطق الجنوب الجزائري، تنطلق، صبيحة اليوم، عملية التصويت عبر كافة ولايات الوطن في اليوم الرسمي للاقتراع، الذي سيفصل من خلاله الناخبون الجزائريون المقدر عددهم الإجمالي ب21445621 ناخبا، مصير المجالس الشعبية البلدية ال1541 والمجالس الولائية ال48، من خلال اختيار المترشحين الذين تتوفر فيهم الصفات المطلوبة للكفاءة والقدرة على تسيير الشؤون اليومية للمواطن على المستوى المحلي. وطبقا للمعطيات الرسمية الخاصة بهذه الاستحقاقات فقد بلغ عدد المترشحين للمجالس الشعبية المحلية 185 ألف مترشح بعد إلغاء 43 قائمة انتخابية قدمتها أحزاب ومستقلون بسبب عدم استيفائها للشروط القانونية، ويوجد من بين المترشحين 31 ألف مترشحة، ما يمثل 28 بالمائة من العدد الإجمالي للمترشحين الموزعين على 8405 قائمة، منها 7900 قائمة قدمها 52 حزبا سياسيا في إطار الترشح للمجالس الشعبية البلدية، و592 قائمة قدمتها التشكيلات السياسية والمترشحون الأحرار لدخول انتخابات المجالس الشعبية الولائية، تضم 557 قائمة تمثل 50 حزبا، 26 قائمة تمثل التحالفات السياسية و35 قائمة للأحرار. ولضمان السير الجيد لهذا الاقتراع المزدوج الذي يبدأ من الثامنة صباحا إلى السابعة مساء مع احتمال تمديده بساعة واحدة وفق تصريحات المدير العام للحريات العامة والشؤون القانونية بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، فقد سخرت مصالح الإدارة كافة الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية لإنجاح الموعد وتسهيل عملية الانتخاب عبر ال48546 مركز تصويت المجهزة لهذا الغرض. كما تمت مضاعفة عدد المؤطرين مقارنة بالتشريعيات الماضية، وتم تجنيد أزيد من 800 ألف عون لتأطير هذه العملية التي تجري تحت مجهر اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات المحلية التي جندت من جهتها 8 آلاف عون من سلك العدالة موزعين عبر اللجان الفرعية المحلية ال69 ويشرف على توجيههم 311 قاضيا مشكلين للجنة الوطنية. وقد يعاين سير العملية أعضاء اللجان المحلية لمراقبة الانتخابات الذين يمثلون الأحزاب السياسية المشاركة في هذا الاستحقاق، وهم في اتصال مباشر ومستمر مع اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات المحلية التي نصبت مركز عملياتها بمقرها المركزي بالعاصمة لاستقبال كافة الملاحظات وتسجيل أي خلل محتمل خلال سير العملية عبر المكاتب المنتشرة عبر الوطن. وأعطت السلطات العمومية، ومنها الوزير الأول السيد عبد المالك سلال ووزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية، تعليمات صارمة للولاة ومسؤولي المصالح الإدارية لالتزام الحياد خلال هذه العملية الانتخابية، والسهر على إنجاح الاقتراع من خلال تجنيد كافة الوسائل والإمكانيات لتمكين الناخبين من آداء واجبهم في أحسن الظروف. ووضعت وزارة الداخلية تحت تصرف الأحزاب والمترشحين 4313 هيكلا لتسهيل عملهم الدعائي أثناء الحملة الانتخابية التي امتدت من 4 إلى 25 نوفمبر الجاري، منها 2122 قاعة و943 ملعبا و960 ساحة عمومية و287 هيكلا آخر. كما تعتبر هذه الانتخابات ثاني انتخابات في الجزائر يتم فيها استعمال التقنيات الحديثة الضامنة لشفافية الاقتراع ومصداقيته، على غرار الصناديق الشفافة والحبر الفوسفوي، مع تنظيم عملية اقتراع أفراد السلك النظامي، التي كثيرا ما كانت محل انتقادات وطعون قدمتها الأحزاب السياسية مشككة في مدى صحة عملية اقتراع هؤلاء في المواعيد الانتخابية السابقة، الأمر الذي دفع بالسلطات العمومية إلى ضبط الأمور من خلال تحديد مواقع تصويت أفراد هذه الأسلاك سواء في بلديات إقامتهم أو بلديات عملهم، مع حصر هذا الإجراء على أفراد الجيش الوطني الشعبي فقط دون غيرهم من أفراد الأسلاك النظامية الأخرى المدعويين ككل الجزائريين إلى الانتخاب في بلديات إقامتهم، أو استعمال الانتخاب بالوكالة، مع الإشارة إلى أن المصالح المشرفة على تسيير العملية سجلت إلى غاية صبيحة أمس 80 ألف وكالة تحسبا لهذا الموعد. ومع تسخير كل هذه الضمانات والوسائل المادية والبشرية التي من شأنها الحد إلى أقصى درجة من التأثيرات السلبية التي قد تمس بمصداقية هذا الموعد الانتخابي، يبقى الضامن الأخير والأكبر هو إسهام المواطن في إنجاح هذا الاستحقاق المحلي وذلك من خلال التصويت بكثافة من أجل تغطية كافة الثغرات المتاحة للتلاعب بهذا الموعد الوطني الهام، الذي يعد الثاني من نوعه في إطار الإصلاحات السياسية التي أعلنها رئيس الجمهورية لتقويم المسار الديمقراطي وتعزيزه من خلال فرض الشرعية الشعبية والخيار السيادي للشعب. للتذكير، فإن الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت في 29 نوفمبر 2007 فاز فيها حزب جبهة التحرير الوطني بأكثر من 30 بالمائة من المقاعد.