تنطلق، اليوم، الحملة الانتخابية لاقتراع تجديد المجالس الشعبية البلدية والولائية المقرر في 29 نوفمبر الجاري، معلنة بداية التنافس السياسي بين 52 حزبا ونحو مائتي قائمة حرة في معركة إقناع أزيد من 20 مليون ناخب ومحاولة كسب أكبر قدر من الأصوات في هذا الاستحقاق الذي يحتل من الناحية المبدئية أهمية قصوى بالنظر إلى ارتباطه المباشر بخدمة المواطن وتحسين حياته اليومية، فضلا عن كونه محطة أخرى هامة في مسار تجسيد الإصلاحات السياسية العميقة المدعم ببرنامج طموح سطرته الحكومة ضمن أولويات مخطط عملها بهدف ترقية الإطار المعيشي للجزائريين. ومن الناحية العملية، وإذا كانت الأجواء السابقة لبعث الحملة الانتخابية بشكل رسمي اليوم، خالية من الحماس الذي يفترض أن تشهده مثل هذه المواعيد السياسية، وذلك بسبب نقص الاكتراث الشعبي وغياب المحفز إليه الذي يفترض أن تصنعه الأحزاب المشاركة في المعترك الانتخابي، فإن المرتقب أن تعرف الأيام القليلة القادمة من عمر الحملة حركية سياسية أكثر نشاطا في الميدان لا سيما على المستوى المحلي، على اعتبار أن الرهان من هذا الاستحقاق السياسي هو كسب أكبر قدر من الأصوات التي تمكن المتنافسين من الحصول على أكبر عدد من المقاعد بالدرجة الأولى، ثم الظفر بأكبر عدد من المقاعد يسمح للتشكيلات المعنية بكسب الأغلبية التي تعطيها أحقية تسيير المجلس الشعبي المحلي بالدرجة الثانية، الأمر الذي يفرض على الأحزاب والقوائم الحرة المشاركة في هذا الموعد الابتعاد عن الوعود الوهمية واللغة الخيالية التي لا يفهمها المواطن واعتماد خطاب جواري واقعي يعيد الأمل للجزائريين ويدفعهم إلى الحضور القوي في هذا الموعد الذي يرتبط مباشرة بمصالحهم اليومية، خاصة في ظل التغيرات الكبيرة التي تسعى السلطات العليا في البلاد إلى تكريسها في الميدان من خلال برنامج الإصلاحات السياسية الذي بلغ مرحلة متقدمة بعد التعديلات التي أدرجت على النصوص التشريعية المرتبطة بترقية الممارسة الديمقراطية وتحسين أداء مؤسسات الدولة والجمعيات السياسية والمدنية على غرار قوانين الأحزاب والجمعيات والانتخابات وقانوني البلدية والولاية، وكذا من خلال الأولويات التي تم تحديدها في مخطط عمل حكومة عبد المالك سلال والتي تم حصرها بشكل أساسي في جملة من العمليات والمشاريع الموجهة لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين واستعادة ثقتهم في الدولة ومؤسساتها، وإيصالها إلى أعوان الدولة على المستوى المحلي من ولاة ورؤساء الدوائر ومدراء الإدارة المحلية للسهر على تنفيذها الفعلي على ارض الواقع، ليبقى بذلك المنتخبون المحليون الحلقة الناقصة المطلوب أن تلتحق بهذا العمل الوطني الكبير الذي ستذهب ثماره إلى المواطن بالدرجة الأولى. وطبقا لقانون الانتخابات فإن الحملة الانتخابية التي تنطلق اليوم (25 يوما قبل موعد الاقتراع) ستستمر إلى غاية 25 نوفمبر الجاري لتعقبها فترة الصمت الانتخابي المحددة بثلاثة أيام قبل يوم الاقتراع، وكانت مصالح وزارة الداخلية قد تسلمت خلال فترة إيداع قوائم الترشيحات 8562 قائمة ترشح للمجالس الشعبية البلدية منها 8383 قائمة قدمتها الأحزاب المشاركة في هذا الاستحقاق والبالغ عددها 52 حزبا من أصل 57 حزبا معتمدا، و197 قائمة تخص المترشحين الأحرار، بينما تسلمت نفس المصالح في إطار الترشح لاقتراع تجديد المجالس الشعبية الولائية 615 قائمة، غير أن العدد النهائي والرسمي للقوائم المشاركة في هذا الاستحقاق المحلي الذي ينتظر إقبال أزيد من 20,6 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم فيه، تراجع بعد عملية الدراسة والتمحيص في سلامة الملفات من الناحية القانونية والتي انتهت بإلغاء 772 قائمة ترشح، ليستقر العدد النهائي للقوائم عند 8405 قوائم من أصل 9177 قائمة منها 7969 قائمة حزبية، 265 قائمة للتحالفات و177 قائمة لمترشحين أحرار بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية و592 قائمة من إجمالي 615 قائمة مودعة لانتخابات المجالس الشعبية الولائية منها 557 لأحزاب سياسية و26 قائمة عبارة عن تحالفات و35 قائمة حرة، في حين بلغ العدد الإجمالي للمترشحين في هذا الاقتراع المزدوج 217586 مترشحا، و36328 مترشحة، ( 32399 رجلا و4719 امرأة للمجالس الشعبية الولائية و185187 رجلا و31609 مترشحة للمجالس البلدية). على صعيد آخر، سخرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية كافة الترتيبات الإدارية والتقنية لإنجاح الانتخابات المحلية ل29 نوفمبر القادم، حيث تم تنصيب الألواح الإشهارية الخاصة بتعليق القوائم الانتخابية، مع وضع 4313 هيكلا تحت تصرف الأحزاب والمترشحين الأحرار خلال الحملة الانتخابية منها 2122 قاعة و943 ملعبا و960 ساحة عمومية و287 هياكل أخرى. كما تم في إطار تنفيذ الترتيبات التقنية والقانونية الخاصة بالانتخابات تنصيب اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات المحلية المتشكلة من 311 قاضيا، والتي أعلنت مؤخرا عن تلقيها 47 إخطارا في مرحلة ايداع الترشيحات منها 3 تقدمت بها اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات المحلية التي تم تنصيبها هي الأخرى في 17 أكتوبر المنصرم وهي متكونة من ممثلي الأحزاب والأحرار المشاركين في الاستحقاق. وقامت اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات المحلية يوم 31 أكتوبر المنقضي بعملية القرعة لمنح الأرقام التعريفية الوطنية للقوائم الانتخابية المتنافسة في المحليات، وأعدت في إطار هذه العملية قائمتين بأرقام تعريفية تم عرضهما على وزارة الداخلية لاختيار واحدة منها، وتضمنت القائمة الأولى 53 رقما تعريفيا فيما تضمنت الثانية 57 رقما أعدت بطلب من تحالف الجزائر الخضراء وأحزاب أخرى تعتزم تشكيل تحالفات بالمناسبة. وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن خمسة أحزاب سياسية معتمدة تغيب عن هذه الانتخابات المحلية لأسباب بعضها تقنية أخرى سياسية، ويتعلق الأمر بجبهة العدالة والتنمية، تجمع أمل الجزائر "تاج"، جبهة التغيير، التجمع الجزائري وحزب الوسيط السياسي.