ينتظر أولياء التلاميذ بعدة مؤسسات تربوية بالعاصمة، تدخّل مديريات التربية لتوفير الظروف المناسبة لتمدرس أبنائهم وحل مشكل غياب التدفئة الذي لا يزال يؤرقهم، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء الذي تزداد فيه حدة البرودة إلى حد يصعب على التلاميذ استيعاب الدروس، خاصة في بعض البلديات التي قصّرت كثيرا في حق تلاميذ السنوات الأولى من التعليم الإبتدائي ولم تصحح وضعية بعض المدارس التي بقيت على حالها، رغم الطلبات المتكررة للأولياء وبعض المديرين ، في الوقت الذي تُخصَّص ميزانية سنوية معتبرة لتجهيز المدارس، فمن ينصف هؤلاء التلاميذ خاصة القاطنين بالمناطق شبه الحضرية ويمنحهم فرصة التحصيل العلمي الجيد؟. إذا حظي تلاميذ بعض البلديات من توفر ظروف جيدة لتمدرسهم، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للعديد من الذين يحلمون بالدراسة في أقسام دافئة، مريحة ودون معاطف وقفازات، مثلما لاحظناه خلال الجولة التي قمنا بها لبلدية براقي، وبالضبط للمجمع المدرسي ببن طلحة، الذي هو عبارة عن شاليهات لم تعد صالحة للسكن، نظرا لوضعيتها المتدهورة، حيث لم نصدق أن هناك تلاميذ يدرسون في ظروف مماثلة في بلدية من بلديات العاصمة، فنوافذ وأبواب الأقسام محطمة، بل ثمة أقسام بدون أبواب، مما جعلها تتحول إلى شبه ثلاجات من شدة البرد الذي ينفذ من كل الجهات، الأمر الذي حتم على التلاميذ الاحتفاظ بمعاطفهم وقفازاتهم وكل الألبسة الشتوية التي تقيهم من شدة البرد.
التدفئة.. هاجس الأولياء والتلاميذ وحسب بعض الأولياء، فإنهم قدموا عدة شكاوى لدى مصالح البلدية من أجل التكفل بالأمر، إلا أن المسؤولين المحليين لبراقي لم يكلفوا أنفسهم إصلاح النوافذ والأبواب والمدفئات القديمة التي أصبحت غير صالحة، أو تزويد المجمع المدرسي بغاز المدينة وتعويض العداد الكهربائي ذو الطاقة الضعيفة الذي أدى -حسب بعض الأساتذة- إلى إتلاف المصابيح وضعف الإنارة، إلى جانب الإنقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، فضلا عن مشاكل أخرى عبّر عنها هؤلاء، كغياب غرفة خاصة بحارس المدرسة، عدم تلحيم الباب الخارجي المكسر، وانسداد قنوات الصرف الذي يؤدي إلى تشكّل برك من المياه أمام الأقسام كلما تهاطلت الأمطار، حيث يضطر الأساتذة، كما ذكرت إحداهن ل»المساء»، إلى حمل التلاميذ الذين يصعب عليهم تجاوز المياه الراكدة. وفي تعليقهم على الوضع، قال بعض عمال المدرسة وأساتذتها؛ إن نداءاتهم للمسؤولين المباشرين على قطاع التربية لم تُجدِ نفعا، كما أن رئيس البلدية السابق تناسى الشكاوى المتكررة، وزار المدرسة فقط قبيل المحليات الأخيرة. وبنفس المنطقة وبمدرسة ابن باديس، لم يضيع أولياء التلاميذ الذين وجدناهم أمام مدخل المؤسسة فرصة زيارتنا، دون إثارة النقائص التي تحول دون التحصيل الجيد لأبنائهم، وفي مقدمتها نقص التدفئة التي جعلت بعض التلاميذ -حسب أوليائهم- يحتفظون بمعاطفهم وقفازاتهم للقدرة على الكتابة ومواجهة البرد الذي تزداد حدته في بعض الأقسام التي تحطم زجاجها، حيث تنفذ عبره الأمطار، فتمتلىء قاعات التدريس بالمياه، بينما يستنجد بعض الأساتذة بمدفآت كهربائية للتقليل من شدة البرودة، وذلك بسبب تماطل السلطات المحلية في تزويد المدرسة بالكمية اللازمة من المازوت.
مدفآت معطلة ونوافذ محطمة.. من المسؤول؟ أما بالنسبة لبلدية باش جراح، فلا تزال هي الأخرى تواجه نقصا في توفير التدفئة داخل المدارس، مثلما هو الحال بالنسبة لمتوسطة الشيخ النعيمي بديار الجماعة، التي لم يستفد طلبتها لحد الآن من التدفئة رغم برودة الطقس، حيث تأخر انطلاق الأشغال لتجهيزها بالتدفئة التي ستكون عملية بعد العطلة الشتوية -حسبما أكدته- ل»المساء» عاملة بالمؤسسة. أما بمدرسة محمد لعدور المقابلة للمتوسطة، فإن التلاميذ وأولياءهم ينتظرون إصلاح النوافذ التي أصبحت منفذا للبرد الذي يواجهه حارس المدرسة بصعوبة كبيرة خاصة أثناء الليل، حيث يؤدي عمله في ظروف صعبة، وهي الوضعية التي اشتكى منها أيضا أولياء تلاميذ مدرسة الشهيد علي شويعل بحي البدر، في جزئه التابع لبلدية باش جراح، مشيرين لنا أن عددا من التلاميذ استفادوا من التدفئة، بينما تبقى بعض الأقسام دون تدفئة بسبب تأخر عملية إصلاح تسربات الغاز، الأمر الذي أرجعه الأولياء إلى تهاون المسؤولين وانعدام الرقابة على مصالح البلديات التي لم تقم بتصليح العديد من المدفآت قبل حلول فصل الشتاء. من جهتها، تواجه العديد من المؤسسات التربوية ببلدية بوروبة مشكل انعدام التدفئة، مثلما هو الأمر بالنسبة لمؤسسة بومزار التي عبر أولياء تلامذتها ل»المساء»، عن قلقهم إزاء الظروف التي يتمدرس فيها أبناؤهم بسبب غياب التدفئة وتسرب مياه الأمطار من الأسطح، كما ينتظر تلاميذ متوسطتي بوروبة الجديدة وزهية حميطوش بنفس البلدية، تدخل السلطات المعنية لإصلاح المدفآت، الأسطح وزجاج النوافذ، خاصة بالنسبة لمتوسطة زهية حميطوش التي ذكر لنا بعض طلبتها أن الأقسام تتحول إلى شبه مسابح كلما تساقطت الأمطار، مما يجعلهم غير قادرين على تحمل برودة الطقس في فصل الشتاء. أما بالجهة الغربية للعاصمة، فإن الأمر يختلف ببلدية عين البنيان التي زودت كافة مدارسها ال 19بالتدفئة، منها مدفآت مركزية وأخرى تشتغل بالغاز، حيث قرر المجلس المنتهية عهدته تعميمها على مختلف المدارس لتجنب مشكل تسرب الغاز، وذلك عكس بلدية الخرايسية التي يواجه فيها تلاميذ مدارس بن شعوة، سيدي سليمان وحيرش بسيدي بوخريص، البرد القارص بسبب عدم تشغيل الغاز الطبيعي بالبعض منها، والاعتماد على المازوت الذي تستلمه من البلدية بكميات محدودة، مما يحول الأقسام إلى شبه ثلاجات ويدفع التلاميذ إلى ارتداء معاطفهم. من جهتهم، ذكر بعض أولياء التلاميذ والمعلمين ببلدية تسالة المرجة ل»المساء»، خاصة القاطنين منهم بالأحياء الريفية كسيدي عباد، أن أبناءهم يواجهون مشكل البرد داخل بعض الأقسام بسبب تحطم زجاج النوافذ، مثلما هو الأمر بمدرسة بوزاد علي، مما يؤثر على تحصيل الدروس ويتسبب في رسوب عدد من التلاميذ الذين لا يتحملون البرد، مؤكدين أن تبعية التدفئة للبلديات أحدث فوارق في توفير هذا الحق للتلاميذ، خاصة أن بعض البلديات واجهت صعوبات مالية، بينما غرقت أخرى في مشكل عدم الإستقرار والتسيير بالنيابة، مثلما كان عليه الأمر ببلدية تسالة المرجة التي تلقى عليها وعلى غيرها من البلديات كافة المسؤولية في تهيئة المدارس، خاصة أنها تتلقى دعما ماليا معتبرا من ولاية الجزائر والوزارة.
اتحاد أولياء التلاميذ يقترح هيئة لتسيير المدارس وفي تعليقه على وضعية بعض المؤسسات التربوية، طالب رئيس اتحاد أولياء التلاميذ لشرق ولاية الجزائر، السيد علي بن زينة، بالكشف عن وجهة الأموال التي خصصت لهذا الغرض «ما دام أن المؤسسات التربوية لم تجهز بالتدفئة»، مشيرا في تصريح ل»المساء» أن الاتحاد اقترح في هذا الصدد، تأسيس هيئة مسيرة للمؤسسات التربوية الابتدائية لتخفيف الضغط عن البلديات التي أخفقت في تسيير هذا الملف، كما انتقد عدم تدخل مديرية التربية لإصلاح الأمور وتهيئة الظروف المناسبة لتمدرس التلاميذ، رغم حصولها على طلبات متكررة من مدراء المدارس المعنية.
مديريات التربية تحمّل المسؤولية للبلديات من جهتها، حملت مديرية التربية لشرق ولاية الجزائر على لسان المكلف بالإعلام، مسؤولية الوضعية المتدهورة بعدة مؤسسات وغياب التدفئة بها للبلديات، مشيرا في تصريح ل»المساء»، أن مديري المدارس يقدمون نهاية كل سنة دراسية بجرد وتحديد النقائص التي تعرفها المؤسسات التربوية للبلديات من أجل التكفل بها قبل الدخول المدرسي، غير أن معظم البلديات تتهاون في الأمر. بدوره، أرجع مدير التربية لغرب ولاية الجزائر، السيد ساعد زغاش، نقص التغطية بالتدفئة في عدد من المدارس، إلى عدم قيام بعض البلديات بعملها وانشغالها في الفترة الأخيرة بالانتخابات المحلية التي أحدثت -حسبه- خللا في بعض المدارس الواقعة بالمناطق البعيدة عن الوسط الحضري؛ كتسالة المرجة، الخرايسية والرحمانية، في الوقت الذي أكد بعض أولياء التلاميذ أن مديريات التربية هي الأخرى مسؤولة عن النقائص، خاصة على مستوى المتوسطات والثانويات التي تتلقى ميزانية من الدولة وإعانة من الولاية من أجل ترميمها وتجهيزها.