نوه وزير الإعلام السابق والمجاهد، محمد لمين بشيشي، بخصال المرحوم عيسى مسعودي الذي حارب الاستعمار الفرنسي بصوته الجوهري، حيث كان لا ينطق إلا بما يؤمن به وهو الذي قال عنه الرئيس السابق هواري بومدين رحمه الله "إنه نصف الثورة". وبمناسبة الذكرى ال18 لوفاته والذكرى ال56 لتأسيس الإذاعة السرية، نظمت يومية "المجاهد" بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد، أمس، ندوة تاريخية حول الإعلام والثورة تخليدا للمحروم عيسى مسعودي. وقد نشط المجاهد لمين بشيشي ندوة تاريخية حضرها جمع غفير من المجاهدين لتسليط الضوء على دور الإعلام في شحذ همم المجاهدين والتفاف الشعب حول قيم ومبادئ جيش التحرير الوطني، وأشاد المحاضر بالدور الكبير الذي لعبته الإذاعة السرية التي أنشئت شهر ديسمبر 1956 في ظروف خاصة من قبل عناصر سلاح الإشارة، مشيرا إلى أن ضرورة إيجاد وسيلة متطورة للاتصال مع الوحدات العسكرية الميدانية دفع بالمجاهدين العربي بن مهيدي الذي كان يطلق عليه اسم "سي محمد" وعبد الحفيظ بوصوف المدعو "سي مبروك"، إلى التفكير في الحصول على جهاز إرسال يكون بذبذبات قصيرة لا تتعدى 70 كيلومترا مع تجنيد عدد من المجاهدين ممن نشطوا ضمن صفوف الجيش الفرنسي ضمن سلاح الإشارات على غرار عمار ثلجي، موسى سدار، قراس وعبد الكريم حقي، وتم اختيار قرى الريف المغربي لبث أولى الحصص الإذاعية من طرف عبد المجيد مزيان وعبد القادر معاشو تحت شعار "إذاعة الجزائر لثورة مكافحة، صوت جيش التحرير الوطني يخاطبكم"، وحسب شهادة المجاهد فقد كان المجاهدون يطلبون المساعدة من سكان الريف لتخصيص غرفة للفريق التقني ومساحة وسط الإسطبل للشاحنة التي كانت تضم تجهيزات البث، لكن بعد تسعة أشهر تمكن الاستعمار من خلال باخرة كانت راسية في الشواطئ الغربية للوطن من كشف مكان البث ليتم إرسال طائرات لقصف الموقع بصواريخ مضيئة، لكن الحمد لله لم يتم تسجيل ضحايا بشرية أو مادية. وبعد سبتمبر 1957 فتحت دول شقيقة وصديقة أمواج البث لصالح الثوار الجزائريين بكل من الرابط، طنجة، تونس، طرابلس والقاهرة وفي سنة 1958 قبلت السلطات المصرية بتخصيص حصص باللغة الفرنسية ضمن برنامج "صوت العرب" وذلك بطلب من الحكومة المؤقتة. وفي سنة 1959 كانت للجزائر إذاعة قارة بمدينة الناظور المغربية وكان المرحوم عيسى مسعودي الصوت الجوهري والقوي الذي كان يبث كل الأخبار العسكرية التعاليق السياسية، لكن بعد الحصة الثانية عشرة تقرر تدعيمه يصحفي ثان بصوت هادئ بسبب قوة الإلقاء التي كانت بمثابة رصاصة في جسم المستعمر في كل مرة وهو ما خدم كثيرا الثورة التحريرية. وبالمناسبة، دعا بشيشي السلطات العليا للبلاد للتدخل لشراء الأرشيف الوطني المتعلق بالحصص الإذاعية التي بثت من مصر والتي تتضمن تعليقات المرحوم عيسى مسعودي شهر جويلية 1962 المصادف لاستقلال الجزائر وتعليق عبد الله شريط بخصوص أحداث ساقية سيدي يوسف، مع العلم أن غالبية الأرشيف أتلف بالمغرب وتونس. من جهته، تعهد الوزير السابق بأرشفة ما تكتنزه ذكرياته بخصوص الإعلام في وقت الثورة في كتاب اختير له اسم "إذاعة الجزائر ثورة مكافحة لصوت جبهة التحرير الوطني وصوت الجزائر"، على أن يصدر كتاب آخر مطلع السنة المقبلة بعنوان "أصالة وثقافة" يضم كل المعلومات التاريخية التي تخص الثورة وعلاقتها بالدول الشقيقة والصديقة.