استحدثت غرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية بسكرة، نظام الإنتاج المحلي المخصص لمشتقات التمور، ويهدف هذا النظام الى جمع الحرفيين الناشطين في نفس المجال، أي بمشتقات التمور، بغية تأطيرهم وتنظيم عملهم وتوعيتهم بالسبل التي ينبغي عليهم اتباعها لحماية حرفهم المهددة بالاندثار في مجال استغلال التمور على غرار عسل التمر وخل التمر، وخميرة التمر. انطلاقا من تنوع مشتقات النخيل وكثرة الحرفيين الناشطين في المجال بصورة غير نظامية، كان لابد من جمع هؤلاء الحرفيين في جهاز منظم يتمثل فيما يسمى بنظام الإنتاج المحلي المتخصص في مشتقات التمور، الذي قال عنه محمد رضا بداح منشط بنظام الإنتاج المحلي تابع لغرفة الصناعات التقليدية والحرفية لولاية بسكرة، التقته «المساء» على هامش المعرض الوطني للجمعيات الناشطة في مجال الصناعات التقليدية « كان لنظام الإنتاج الفضل في إخراج حرفة مشتقات التمور من الظل من خلال تسوية وضعية الحرفيين واخضاعهم لدورات تكوينية تكسبهم خبرة في التعامل مع الحرفة وحمايتها. وأضاف قائلا «عندما أطلقنا فكرة العمل مع الحرفيين في إطار جمعية او نظام بدأنا بالعمل مع خمسة حرفيين وكان ذلك في سنة 2009، واليوم لدينا 34 حرفيا منخرطين في الجمعية من بينهم مختصون في مجال إنتاج عسل التمر، وآخرون في مجال إنتاج رب التمر وفي مجال عجينة التمر وخميرة التمر وقهوة التمر التي تعد من أهم مشتقات النخيل التي برع فيها بعض الحرفين، بعدما تمكنوا من استغلال علف التمر في إنتاج قهوة لديها خواص علاجية تتمثل في السيطرة على ضغط الدم». من جملة الأهداف التي سطرها نظام الإنتاج المحلي، يقول محدثنا، حماية الحرف الخاصة بمشتقات التمور، فبعدما كان الحرفيون ينشطون بصورة عشوائية، قمنا بتنظيم عملهم وكشفنا لهم عن السبل التي تمكنهم من تطوير حرفهم التي توارثوها أبا عن جد، فمثلا مؤخرا قمنا بتكوين 15 حرفيا في كيفية تسير مؤسساتهم المصغرة، ناهيك عن إبرام العديد من اتفاقيات الشراكة وتعاون مع مراكز البحث بالمناطق الجافة، ومع مراكز الزراعات الصحراوية، وكذا مع الجامعات ومراكز التكوين المهني لإعطاء الحرفيين فرصة للرقي بمنتوجهم بصورة علمية تمكنهم من منافسة المنتوجات الأجنبية، أي ان المطلوب هو توعية الحرفي بالسبل التي يمكنه اتباعها بغية حماية منتوجه والترويج له بإطلاعه على قواعد التصدير وكيفية عرض المنتوج ببطاقة تعريفية تحمل معلومات عن صاحب المنتوج وقيمته الغذائية والصحية. وبالحديث عن المنافسة الأجنبية، قال المنشط محمد رضا، ان «من أهم نتائج عملنا بنظام الإنتاج المحلي مع حرفي ولاية بسكرة، أننا أثبتنا مدى جودة منتجاتنا في مجال مشتقات التمور التي فاقت من حيث النوعية ما تنتجه كل من تونس، ليبيا والعراق التي تعد الرائدة في مجال إنتاج مشتقات التمور، خاصة عسل التمر، وما الشهادة التي قدمها الوفد الذي زار المعرض والمتمثل في المدير العام للمنظمة العربية للصناعة والتعدين القطري، الذي شد انتباهه عسل التمر لصاحبه سعدي الهامل، بعد ان تذوقه، حيث قال ان دول الخليج على الرغم من امتلاكها لعدة أنواع من عسل التمر، غير ان عسل التمر الجزائري ذو نكهة خاصة، الأمر الذي دفعه الى اقتراح فتح أسواق للمنتوج البسكري من عسل التمر بكل من الدوحة والمغرب، وعلق قائلا « أنا متأكد من ان المنتوج الجزائري في مجال مشتقات التمر، لا سيما عسل التمر، سينافس منتوجنا ويتفوق عليه» وهي شهادة، يستطرد المنشط محمد رضا، نعتز بها وتحمسنا للبحث عن حرفيين آخرين لتوعيتهم بغية النهوض بالمنتوج الجزائري.
عسل تمر الحرفي سعدي الهامل ينافس المنتوج العراقي يعتبر الحرفي سعدي الهامل واحدا من المنخرطين في نظام الإنتاج المحلي امتهن حرفة تحويل التمور الى عسل منذ نعومة أظافره، إذ توارث الحرفة عن أبيه الذي ورثها عن جده، يحدثنا عن حرفته قائلا «لدي خبرة في مجال مشتقات التمور تزيد عن 40 سنة، فلا يخفى عليكم أني انتمي الى عائلة فلاحية لديها حقل النخيل حولت تموره الى عسل يحوي فوائد علاجية ثابتة علميا ومنها انه يساعد على ترطيب العينين ومفيد لمن يعانون من فقر الدم، ويقدم أيضا للمرأة الحامل في الأشهر الأخيرة من حملها، ويعالج هشاشة العظام. ويضيف» كبرت على حبة التمر وتعلمت كيفية تحويل التمر الى عسل باتباع الأساليب التقليدية التي استعملها أجدادنا، غير أني لم اعرف كيف أروج واحمي منتجي الذي قدم لي حرفي من العراق شهادة عن جودته، حيث قال لي بالحرف الواحد : ما هو سر المذاق في عسل التمر الجزائري الذي لم أجده في عسل التمر العراقي الذي اعمل عليه؟ فقلت لان عسل التمر خاصتنا مستمد من حبة التمر الجزائرية فقط. بعدها يستطرد محدثنا «فكرت في كيفية تطوير ما أعده خاصة واني أنتج نوعين من عسل التمر ما يسمى بعسل الدقلة وعسل حبة المنقر أي حبة التمر قبل ان تنضج، لأني فلاح وليس لدي تكوين قررت ان انضم الى نظام الإنتاج المحلي الذي اكسبني بعض المعارف في كيفية ترويج المنتوج، وطرق حمايته، خاصة وان الأجانب الذين يحبون التعامل معنا يطلبون منا عدم تسمية المنتوج لينسبوه إلى مؤسساتهم، ما يعني طمس العلامة الجزائرية، وهو ما عمل نظام الإنتاج على تحذيرنا منه كحرفيين، ناهيك عن استفادتي من دورات تكوينية في كيفية تسير المؤسسة، الأمر الذي جعلني أفكر في كيفية الرفع من إنتاجي، لا سيما وان المادة الأولية متوفرة واليد العاملة المؤهلة موجودة، يكفي فقط ان تقوم الدولة الجزائرية بدعمنا من خلال الإفراج عن إعانات الحرفيين المتوقفة على مستوى صندوق الحرفيين منذ سنوات من دون ان نعرف السبب، ليتسنى لنا كحرفيين الرفع من وتيرة الإنتاج، خاصة وان ما نعده من عسل ذي جودة عالمية».