أبدى سكان وممثلو المجتمع المدني بعنابة، انتقادهم لتدني الخدمات الصحية التي وصفوها ب “غير اللائقة”، في ظل غلق 6 قاعات علاج متواجدة بالبلديات النائية، منها؛ العلمة، التريعات، الشرفة، برحال، سرايدي ووادي العنب، وذلك نظرا لاهتراء الطرقات وغياب النقل والتضاريس الصعبة، الأمر الذي صعب من تنقل الأطباء إلى هذه المرافق الصحية شبه المهجورة، خاصة في فصل الشتاء، فيما يشهد مستشفى ابن رشد ضغطا كبيرا بسبب التوافد القوي للمواطنين من الولايات السبعة بالجهة الشرقية للبلاد. وحسب رئيس جمعية المرضى المزمنين، السيد ناصري، فإن الصحة الجوارية بعنابة جد ضعيفة، لأنها أصبحت عاجزة عن تحقيق احتياجات المريض، الأمر الذي يضاعف من متاعبه وآلامه، مضيفا أن المراكز الصحية الموزعة على مستوى بلديات عين الباردة، التريعات وبرحال، تحولت إلى غرف تبريد خلال فصل الشتاء، نظرا لتأخر عملية الربط بالغاز الطبيعي، ناهيك عن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، مما يؤثر على عمل الأطباء في هذا الشأن، وقد لاحظنا خلال زيارة قادتنا إلى المركز الصحي بالتريعات، إحدى الممرضات تتولى مهام عاملة النظافة، بعد ما تم طرد العاملة التي كانت تشتغل في إطار عقود ما قبل التشغيل، ليتحول المركز الصحي إلى مساحة مفتوحة على النفايات، خاصة أن أغلب المرضى قادمون من القرى الموحلة، وهو الأمر الذي يصعّب من مهام الطبيب المداوم. وحسب السيد ناصري، فإن المركز يفتقر لأهم التجهيزات الخاصة بعملية الكشف والتحليل، حيث يتوفر فقط على الدواء الأحمر، القطن وبعض الأدوات البسيطة، وقد اعتبر طبيب هذا المركز أن هذا الأمر إخلال بحق. ورغم أن المركز الصحي ببرحال يشكل النواة الرئيسية في القطاع، بالنظر إلى ما يستقطبه من آلاف المرضى من مناطق مجاورة، لاسيما بلديات التريعات ووادي لعنب، وقرى عديدة على غرار؛ عين طاشة وشوقة، كما أنه يضم عيادة متعددة الخدمات تم فتحها بعد تحسن الوضع الأمني، إلا أن المركز الصحي بظروفه الحالية يبقى في حاجة إلى اهتمام، حيث يفتقر لأبسط شروط الصحة الضرورية، وتبقى ظروف استقبال المرضى غير ملائمة، خاصة في العيادة متعددة الخدمات، حسبما أكده لنا بعض المواطنين، حيث أصبحت تشكل في الكثير من الأحيان خطرا حقيقيا على صحة وسلامة المرضى، خاصة منهم المصابين بالأمراض المزمنة، في ظل انعدام التدفئة وافتقارها لمولد كهربائي، رغم الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، والذي يدوم عدة أيام في بعض الأحيان، مما جعل العيادة تشتغل في ظروف حرجة تدفع بالسكان إلى نقل مرضاهم لعيادات أخرى، وسط ظروف صعبة ومتاعب كبيرة. فيما يبقى هاجس النساء الحوامل يؤرق المسؤولين بولاية عنابة، خاصة بالنسبة للمناطق المهجورة والقرى البعيدة، فأغلبهن، حسب رئيسة جمعية المرأة الريفية السيدة خالدي نصيرة، يضعن حملهن في منتصف الطريق، مما يؤدي إلى وفاتهن، يحدث هذا وسط تساؤلات عديدة للسكان حول ظروف الصحة الجوارية ببلديات عنابة، خاصة أن قراها مازالت تفتقر إلى وسائل النقل وحتى سيارات الإسعاف، ناهيك عن رفض سيارات “الكلاندستان” استعمال بعض الطرقات لنقل الحوامل أو المرضى، خاصة في الليل، نظرا للاعتداءات والسرقات من طرف بعض العصابات الخطيرة، وفي سياق متصل، أكد بعض المنتخبين والمجتمع المدني على أهمية المرافق الصحية الجوارية، خاصة وأن 95 في المائة من الحالات التي يستقبلها مستشفى ابن رشد بعاصمة الولاية، هي حالات بسيطة لا تستدعي التكفل بها في هذا المستشفى.
عدم احترام مواقيت العمل يرهق المرضى وعن مصالح الاستعجالات والمداومة الليلية، انتقد الطبيب مياسي بمستشفى ابن رشد، العديد من الموظفين في سلك الصحة الجوارية بالتهاون من حيث احترام مواقيت العمل، مشيرا إلى أن العيادات الجوارية متعددة الخدمات تعمل على مدار الساعة وتوفر الخدمة الليلية، بينما تعمل قاعات العلاج من الساعة الثامنة صباحا إلى السادسة، وأخرى إلى الثامنة مساء، مضيفا أنه يستوجب على هؤلاء عدم التحجج بنقص الإمكانيات والعمل بما هو متوفر، في انتظار تحسّن الوضعية في أقرب الآجال، لأن برنامج إعادة التأهيل والتدعيم بالوسائل المادية والبشرية المتضمن في النظام الجديد مطبق تدريجيا، مؤكدا على ضرورة توفير سيارات الإسعاف وخدمات الهاتف بجميع المؤسسات الصحية الجوارية، وعلى الخصوص تلك التي تعمل ليلا، بأنها من الأمور الضرورية، وهو ما سيتحقق مع البرنامج الجديد. من جهته، أوضح لنا مدير الصحة لولاية عنابة، السيد مستوري، بأن هناك مخططا جديدا لتعزيز الصحة الجوارية بعنابة، سيدخل حيز التنفيذ مع مطلع السنة الجديدة، ومن خلاله، سيتم تحسين مستوى خدمات قاعات العلاج ومراكز الصحة الجوارية، خاصة بالقرى البعيدة التي تعرف نقصا فادحا لأبسط الخدمات، إلى جانب إعادة فتح بعض قاعات العلاج التي تخضع في الوقت الراهن لعملية التهيئة والترميم، وبلغة الأرقام، تحصي ولاية عنابة حسب مدير الصحة نحو 300 قاعة علاج و11 مركزا صحيا، في انتظار بعث نشاط 7 مراكز صحية جديدة خلال سنة 2013.