لم تشفع مشاريع قطاع الصحة خلال السنوات الأخيرة بولاية البويرة، في تحسين الخدمات بالمرافق الصحية لهذه الولاية التي لا تزال تواجه نقائص رغم أحدث التجهيزات وأكفأ الأخصائيين، في غياب ثقافة الاستقبال، التوجيه وسوء التسيير عبر مختلف مستشفيات وهياكل الصحة بالولاية، وهو ما يزال يطبع يوميات المرضى المتوافدين على طول أيام السنة نحو المؤسسات الاستشفائية بالبويرة، ويزيد من متاعبهم، مثلما وقفت عليه “المساء” في زيارتها للعديد من هذه المرافق الصحية، مما يستلزم إعادة ترتيب البيت واستغلال الإمكانيات المتوفرة خلال السنوات الأخيرة، والمتعلقة بإنجاز هياكل جديدة، مع إعادة ترميم أخرى، بالإضافة إلى تجهيزات طبية كان لها أن تساهم في تحسين الخدمة الصحية بالولاية. رغم أن قطاع الصحة بالبويرة حاز ضمن البرنامج الخماسي الجاري على حصة مالية فاقت 650 مليار دج، لا يزال الوضع الصحي بها يسجل العديد من النقائص التي يُستلزم استدراكها، حيث يتضمن البرنامج الجديد إنجاز مستشفيين بكل من عين بسام غرب البويرة وأمشدالة بشرقها، 4 عيادات متعددة الخدمات بجميع التجهيزات بكل من؛ أهل القصر، الروراوة، عين بسام وأمشدالة، مع الشروع مؤخرا في إنجاز مدرسة وطنية نموذجية للتكوين شبه الطبي، وتهيئة 20 قاعة للعلاج بالمناطق العمرانية، وتتجلى النقائص بالخصوص في المناطق الريفية التي تستدعي تكثيف الجهود للرفع من عدد المرافق الصحية الجوارية والاستشفائية. وتفتقر قاعات العلاج في أغلب البلديات لأدنى المستلزمات والتجهيزات، وتقتصر خدماتها الصحية على مجرد إجراء الحقنات، في وقت تكتظ فيه المستشفيات الكبرى للولاية عبر كل من عاصمة البويرة، عين بسام، سور الغزلان، الأخضرية وأمشدالة، مما أدى إلى انتهاج سياسة التحويلات نحو المستشفيات الأخرى التي قد تنتهي في أغلب الأحيان إلى العودة للبيت، معرضا بذلك حياة المريض للخطر، كما تم استغلال قاعات علاج بعدة مناطق لأغراض أخرى، منها تلك المتواجدة بحيزر، والتي استغلت كمفرزة للحرس البلدي، قبل أن تستحوذ عليها مصالح الغابات، في الوقت الذي كان من المفروض أن تضم للقاعة متعددة الخدمات، مما قد يسمح بإنجاز مستشفى، وأخرى بمنطقة سليم لم تسترجع إلى يومنا هذا.
الحوامل مجبرات على إجراء عمليات قيصرية لدى الخواص يؤرق مشكل افتقار جميع المؤسسات الاستشفائية بالبويرة لأخصائي في التوليد منذ عدة سنوات، النساء الحوامل اللائي أصبحن يتخوفن من تحويلهن نحو العيادات الخاصة لإجراء عمليات قيصرية دون الحاجة إليها في أغلب الحالات، حسب بعضهن، مؤكدات أن التحويل عادة ما يتم في إطار تقديم خدمات شخصية متبادلة، حيث قد ُتحوّل المريضة إلى عيادة تجد فيها نفس الطبيب الذي رفض إجراء العملية بالمستشفى العمومي، كونه يحقق ربحا أكبر بالقطاع الخاص، وهو ما يخل بأخلاقيات المهنة وأداء الواجب. كما اشتكت العديد من الحوامل بقاعة الولادة في مستشفى البويرة من نقص النظافة، حيث أكدت إحداهن أنها لم تر عاملة النظافة منذ 5 أيام من تواجدها هناك، إلى جانب أن التكفل بالمريض يفتقر للمعاملة الحسنة، وكأن الممرضة أو القابلة تعمل بدون مقابل مالي من إدارة القطاع، كما أن أكبر مستشفى يفتقر لأخصائية توليد مند 24 شهرا متواصلة، بعد أن باشرت عملها لعدة أشهر.
عجز ب 1200 عون في شبه الطبي، ومرضى القصور الكلوي بدون نقل أشارت الإحصائيات الأخيرة لنسبة التأطير الصحي بالبويرة، إلى تسجيل عجز فاق 1200 عون شبه طبي، مما يتطلب دفعات أخرى كحل لمشكل النقص عبر مختلف المرافق الصحية، وقد أكد مدير القطاع بالنيابة، السيد سيدهم شعبان، أن تشغيل وسير أي مصلحة متعددة الخدمات يستوجب توفير 30 عونا بشبه الطبي على الأقل، غير أن هذا يستلزم عدة سنوات أخرى لتحقيقه، وأضاف المتحدث أن مصالح الصحة بالولاية تسعى لتجاوز الإشكال من خلال الشروع في إنجاز مدرسة جديدة لشبه الطبي ضمن برنامج 2012، بطاقة استيعاب تقدر ب 300 مقعدا بيداغوجيا و150 سريرا، للرفع من خريجي شبه الطبي بالولاية. كما يواجه 755 مصابا بالقصور الكلوي في البويرة، مشكل غياب النقل نحو مصحات تصفية الدم، وهو ما زاد من متاعب هذه الشريحة التي ناشدت تدخل الجهات المعنية لحل المشكل الذي يعود إلى عدة سنوات، على الرغم من دعم القطاع بمصحة أخرى بسور الغزلان، لتقليل الضغط الذي كان أحد أبرز مشاكل هذه الفئة، حيث دخلت حيز التشغيل السنة المنصرمة بطاقة استيعاب 24 مريضا، بتكلفة 30 مليون دج، مجهزة ب 11 كلية اصطناعية، غير أن مشكل النقل يتطلب تدخلا عاجلا، خاصة بعد استفادة 10 بلديات من سيارة للإسعاف مؤخرا ضمن البرنامج الأخير الذي مس، وإلى جانب سيارات الإسعاف، أجهزة أخرى لفائدة المؤسسات الصحية العمومية الجوارية والمؤسسات الاستشفائية.
نقص الأخصائيين مشكل لم يُحل ويواجه قطاع الصحة بالبويرة، ومنذ عدة سنوات، مشكل نقص الأطباء الأخصائيين الذي يعتبر مكملا لاستقدام أحدث التجهيزات، والذي وقف في وجه استغلال هذه الأخيرة؛ كأجهزة مركز الأشعة “السكانير” بمستشفى عاصمة الولاية، ودفع إلى تحويل مرضى الولاية نحو الولايات المجاورة، ففي الوقت الذي يؤكد مدير مستشفى البويرة، مثلا، رفض بقاء أغلب الأخصائيين المعينين - بتعليمة وزارية مؤخرا- على الرغم من التحفيزات الممنوحة، وعدم التحاقهم بمناصبهم، أرجع هؤلاء نقص الأخصائيين إلى عدم توفر السكن لضمان الإقامة، حيث لم يستقبل المستشفى حسب المصدر إلا 10 أخصائيين قدموا نهاية شهر جوان الأخير، أغلبهم من تيزي وزو المجاورة، فيما أكد المدير أن أغلب الأخصائيين يتلقون تحفيزات مغرية من جهات أخرى، خاصة الخواص، مما يبقي على مشكل الاختصاص بمستشفى تمت ترقيته إلى مستشفى جامعي مؤخرا، كما أن أغلب المحولين لا يبقون لأكثر من شهرين، ليتم تدارك تحويلاتهم إلى مناطق أخرى؛ كالعاصمة.