أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، أن مهمة بلاده لم تنته بعد في مالي ولكنه أكد على ضرورة أخذ الدول الإفريقية المشعل من أجل دحر مقاتلي التنظيمات الإرهابية التي أخذت من شمال مالي معاقل لها منذ عدة سنوات. ووصل الرئيس الفرنسي صباح أمس في زيارة مفاجئة إلى مدينة تومبوكتو في أقصى شمال مالي، ثلاثة أسابيع بعد اتخاذه قرار القيام بعملية ”سيرفال” العسكرية في هذا البلد وفي وقت لم تكشف فيه هذه الحرب عن كل أسرارها في ظل عدم وقوع أية مواجهة بين القوات الفرنسية والإرهابيين الذين فضلوا الانسحاب وترقب ما تخفيه الأيام القادمة من تطورات. وهو ما اعترف به الرئيس الفرنسي الذي أثنى على ”قوات بلاده التي أنجزت عملا مهما منذ الحادي عشر جانفي، لكنه غير مكتمل ويتطلب أسابيع إضافية لإتمامه”، قبل أن يؤكد أن هدف القوات الفرنسية يبقى تسليم المشعل لنظيرتها الإفريقية التي قررت إرسالها لدعم الجيش المالي في بسط سيطرته على نصف الأراضي المالية. وإذا كانت طبيعة وحدود المهمة الفرنسية قد بقيت لغزا إلى حد الآن فإن كلمة الرئيس هولاند حددت معالمها الرئيسية عندما أكد أن قوات بلاده ستقوم فقط بتأمين القواعد الخلفية للقوات المالية والإفريقية بعد أن ”حررت” المدن التي احتلتها التنظيمات الإرهابية وأن الدور القادم يقع على القوات الإفريقية التي يتعين عليها القيام بمهمة الملاحقة العسكرية في أقصى الشمال، حيث لجأ إليها أمراء وعناصر التنظيمات الإرهابية خلال الأسبوعين الأخيرين. وهو ما يؤكد أن المواجهة الحقيقية لم تنطلق بعد وأن عبئها سيقع على عاتق القوات الإفريقية التي تنتظر فرنسا وصولها للبدء في عملية مطاردة عناصر هذه التنظيمات. وإذا تأكد انسحاب القوات الفرنسية إلى الوراء وفسحها الطريق أمام القوات الإفريقية فإن باريس تكون قد نجحت فعلا في رهانها على مقاربة ”صفر ضحية” التي وضعتها قبل انطلاق تدخلها العسكري بعد أن كان زحف جنودها شكليا على اعتبار أن المهمة الرئيسية في دحر الإرهابيين نفذتها طائراتها الحربية. والمؤكد أن الرئيس الفرنسي عندما قرر زيارة تومبوكتو المدينة التاريخية الرمز في نشر الإسلام في كل منطقة الساحل قبل قرون، أراد أن يظهر بمظهر المحرر وفي ثوب ”ديغول فرنسا” القرن الواحد والعشرين. وهو بالتالي أراد من وراء عملية التدخل وهذه الزيارة بالذات إحياء دور فرنسا في مستعمراتها الإفريقية السابقة والقول إن بلاده مازالت ستة عقود بعد استقلال هذه الدول دولة مؤثرة، بل إنها هي من تحدد مستقبل هذه الدول وكل مستعمراتها في إفريقيا السوداء.