أكد بابا الفاتيكان بنديكس السادس عشر، أمس، أنه سيستقيل من منصبه يوم 28 فيفري الجاري بحجة تقدمه في السن وعدم قدرته على مواصلة مهامه على أحسن وجه.وفاجأ البابا المسيحيين في كل بقاع العالم بقراره الذي كشف عنه في كلمة ألقاها في مقر الفاتيكان باللغة اللاتينية بقراره وبأن منصبه سيكون شاغرا بداية من يوم 28 فيفري ليفتح الباب مباشرة أمام تعيين خليفة له. ويكون البابا بنديكس السادس عشر قد أحدث سابقة في تاريخ الكنسية الكاثوليكية إذ لم يسبقه أحد في اتخاذ هذا القرار الذي نزل كالصاعقة على كل المسيحيين منذ سنة 1236. وقال البابا ”إنني بعد مراجعة للنفس ومسؤولية مني أمام الرب اقتنعت أن قواي وتقدمي في السن لم يعودا يسمحان لي على تحمل مسؤولياتي وممارستي مهامي بشكل لائق ومناسب في الوزارة”، بصفتي بابا الفاتيكان وأسقف روما. وقال بنديكس السادس عشر البالغ من العمر خمسة وثمانين عاما أن ”العالم يشهد تطورات وقضايا بالغة الأهمية وبسرعة فائقة تتطلب جهدا وقوة أكبر حتى أتمكن من قيادة سفينة الفاتيكان والكنيسة البابوية”. وقال ”إنني بدأت أشعر بتراجع قدراتي الصحية من شهر لأخر مما جعلني اقتنع أنني لم أعد قادرا على قيادة البيت البابوي”. وفي أول رد فعل على هذا القرار المفاجئ قال كبير الأساقفة في الكنيسة الكاثوليكية المونسينيور انجيلو صودانو معلقا على القرار بأنه ”جاء كدوي رعد في سماء صافية” في عبارة لخصت درجة الدهشة التي أصيب بها حتى المقربون منه الذين لم يكونوا يتوقعون قرارا بهذه الأهمية والسرعة والتي جعلت رئيس الحكومة الايطالي المستقيل ماريو مونتي يقول انه ”صدم بهذا القرار”. وقالت مصادر الفاتيكان أن مراسيم تعيين بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية سيتم بمناسبة أعياد الفصح المصادفة ليوم 31 مارس القادم بعد اجتماعات لقيادات الكنيسة التي ستعقد بعد أسبوعين من الآن. ويغادر البابا مقر الفاتيكان وسط أزمة أخلاقية ميزتها فضائح بالجملة تعيشها الكنيسة الكاثوليكية خلال السنوات الأخيرة بسبب التحرش الجنسي والعلاقات الجنسية المريبة داخل كنائس العالم والتي ذهب ضحيتها اطفال ابرياء عمقتها فضيحة تسريب أسرار البابا نفسه من طرف خادمه الأول باولو غابريال والتي شكلت أزمة حادة في أعلى هرم الكنسية في روما. يذكر أن البابا بنديكس السادس عشر واسمه الحقيقي جوزيف راتزينغر ألماني الجنسية والأصل من منطقة بافاريا اعتلى كرسي الكنيسة البابوية خلفا للبابا بولس الثاني في 19 افريل 2005 وهو في سن الثامنة والسبعين من العمر. وقد حاول طيلة السنوات الثماني التي تولى فيها مقاليد السفينة المسيحية أن يعيد المجتمعات الغربية والمسيحية بشكل عام إلى أصول هذا الدين ولكنه فشل في ذلك إلى درجة جعلت خصومه يؤكدون انه يعيش في قوقعة جعلته بعيدا عن حقائق التحولات التي تعيشه هذه المجتمعات وأبعدته عن حقيقة ومبادئ الديانة المسيحية في القرن الواحد والعشرين. وفي أول رد فعل رسمي قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه يحترم قرار البابا رافضا التعليق عليه واكتفى بالقول أن ”الأمر يخص الكنيسة أولا وهو أيضا قرار شخصي يجب أن يحترم والمهم أن بابا جديد سيتم تعيينه لاحقا”. وهو الموقف الذي اتخذته السلطات الألمانية التي أكدت أنها تحترم القرار وتؤكد ثناءها على الدور الذي أداه البابا بنديكس السادس عشر طيلة السنوات التي قضاها على رأس الكنيسة الكاثوليكية.