تبقى مسألة تطهير نقطة الصفر في الحقل الذي أجرت فيه فرنسا الاستعمارية تجاربها النووية يوم 13 فيفري 1960 برقان بولاية أدرار من بين أنجع الوسائل لتفادي أخطار الإشعاعات النووية، حسبما أوضحه أمس الأربعاء المكلف بخلية استقبال وتوجيه مرضى السرطان بالمؤسسة العمومية الاستشفائية برقان. وأوضح الطبيب أوسيدهم مصطفى على هامش ندوة علمية نظمت بأدرار تناولت موضوع هذه التجارب أن مصالحه سجلت بفضل تطور وسائل الكشف 24 حالة إصابة مؤكدة بالسرطان خلال سنة 2012 الماضية لاسيما سرطان الرئة عند الرجال وسرطان الثدي عند النساء في حين تم تسجيل 25 حالة خلال سنة 2011. وألح المسؤول الطبي على ضرورة إنشاء هيكل متخصص يتكفل بالتشخيص والعلاج معا قصد تجنيب المصابين بهذا المرض الخطير الناجم عن الإشعاعات النووية عناء التنقل إلى مدن الشمال لأغراض العلاج عبر مسافات بعيدة تزيد عن 1500 كلم خاصة وأن علاج هذا النوع من الأمراض يتطلب متابعة صحية بصفة دورية. وبالمناسبة، ثمن الطبيب أوسيدهم مبادرة صندوق الضمان الإجتماعي بخصوص إجراء الكشف المبكر عن سرطان الثدي مجانا مقترحا في الوقت ذاته ضرورة تعميم العملية على مختلف أنواع السرطان. وبدروه، أوضح مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية برقان السيد باهتي عبد الله أن التأثيرات السلبية للإشعاعات النووية على الصحة "حقيقة لا يمكن إنكارها من خلال ما أثبتته الأبحاث الطبية"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن هذه الهيئة الصحية تبذل جهودا وقائية في هذا المجال وفق الإمكانيات المتاحة لديها والتي تركز على التعريف بأخطار هذه الإشعاعات من خلال لقاءاتها التحسيسية. ومن جهة أخرى، يرى رئيس جمعية 13 فيفري 1960 السيد الهامل سيد أعمر أن هذه التفجيرات تعد جريمة متكاملة ضد الإنسان والبيئة معا، حيث تبقى دليلا ماديا حيا عبر التاريخ عن بشاعة الجرائم التي ارتكبتها فرنسا إبان الحقبة الإستعمارية في حق أبناء الجزائر الأبرياء". وفند السيد الهامل في هذا الصدد إدعاءات فرنسا بخلو المنطقة من أي تواجد بشري في تلك الفترة بالنظر إلى أن نقطة إجراء هذه التفجيرات (حموديا) لا تبعد سوى ب60 كلم فقط جنوب مدينة رقان. وذكر في نفس السياق أن "الحقائق التاريخية تثبت عكس هذه الإدعاءات خاصة وأن منطقة رقان كانت نقطة تلاق وعبور للقوافل التجارية المتجهة نحو بلدان الساحل الإفريقي كما أنها شكلت حلقة وصل بين جنوبالجزائر وحواضر بلدان إفريقيا". وأوضح رئيس الجمعية أن "الموضوع يتطلب مزيدا من البحث المعمق لأن الجريمة ليس عابرة بل هي مستمرة عبر التاريخ يتقاسم مآسيها السلف والخلف نظرا لما تحويه المنطقة من نفايات نووية عمدت فرنسا إلى طمرها تحت الأرض لإخفاء جريمتها النكراء في حق الأبرياء دون إيلاء أدنى اهتمام لمعايير السلامة الصحية المتبعة في مثل هذه الظروف". وعن ضحايا الانعكاسات الخطيرة لهذه الأعمال المخزية في تاريخ فرنسا الاستعماري، يعد الشيخ سي محمد الرقاني شاهدا على هذه الجريمة البشعة التي لا تزال فرنسا تتستر عليها وعن تفاصيلها والعدد الرسمي لضحاياها. ويروي السيد الرقاني وهو متقاعد من قطاع الصحة أن الجيش الفرنسي قام قبل إجراء هذه التفجيرات البشعة بعدة تحركات بالمنطقة بهدف قياس مدى تأثير الإشعاعات النووية على المحيط بكل مكوناته. وأضاف الرقاني (من مواليد 1932) الذي كان يعمل منذ أواخر الخمسينيات في مجال الرعاية الصحية أن فرنسا بدأت في سنة 1957 تحط عتادها وجنودها بمنطقة رقان الذين بلغ تعدادهم حوالي 4000 جندي. ويروي السيد الرقاني -استنادا إلى بعض الروايات- أن قافلة من البدو الرحل قوامها 30 نفرا قادمة من المنطقة الحدودية ببرج باجي مختار عثر عليها وقد أبيدت عن آخرها مع مواشيها بعد تعرضها لتلك الإشعاعات النووية. وطالب في الأخير، بالتحقيق المعمق في حيثيات هذه التجارب التي لاتزال انعكاساتها لحد اليوم تحصد الأرواح في صحراء رقان.