الكثير مما قيل عن فضائح الفساد ينطبق عليه المثل القائل: “كلمة حق أريد بها باطل”، ليس لأن الفساد غير موجود أو أننا نريد تغطية الشمس بالغربال، بل لأن الاستغلال السياسي للظاهرة أفرغها من محتواها وحرفها عن مقصدها. فالفساد موجود في الجزائر، كما هو موجود في مختلف بقاع العالم. وفساد أشخاص لا يعني فساد مؤسسة بكاملها أو أمة برمتها، هناك إرادة سياسية لمحاربة ظاهرة الفساد بكل صرامة، والدليل وجود الديوان المركزي لقمع الفساد والذي أعطيت له كل الصلاحيات، يبقى فقط أن تقوم العدالة بدورها كاملا وتطبق القانون بصرامة على الذين يثبت أنهم غارقون في الفساد. وإذا كنا لا ننكر وجود ممارسات الفساد، فإنه لا يمكن القبول باستغلال ذلك لأغراض سياسوية تخدم مصالح حزبية ضيقة، الهدف منها زرع التشكيك في الإطارات الجزائرية وجعل المجتمع ينظر إليها بنظرة الريبة على أساس أن كل الإطارات، والمسؤولين مشتبه فيهم. وهذا هو الخطر الحقيقي، فعندما تتزعزع الثقة يفقد المجتمع توازنه ويحل التوتر بدل الاستقرار. إن أية قضية أو فضيحة فساد يجب أن تعالج في إطارها والعدالة وحدها لها الكلمة الأخيرة في إدانة من تثبت ضده التهمة وتطبق عليه القانون، أما اللجوء إلى التضخيم وإعطاء أية ممارسة فساد أكثر من حجمها فإنها تخرج حتما من إطار “النهي عن المنكر” إلى المزايدات المجانية لأغراض مصلحية ضيقة قد تستهدف مؤسسة أو مجتمعا بأكمله.