لا تزال فرنسا تبحث عن أدلة قوية تؤكد مقتل أبي زيد ومختار بلمختار، أهم قائدين في التنظيمات الإرهابية التي تأخذ من شمال مالي معاقل لها، واللذين كانت التشاد التي تحارب قواتها بالمنطقة قد أكدت مؤخرا مصرعهما. وإلى غاية أمس، لم تكن الحكومة الفرنسية في مستوى تأكيد أو نفي مقتل هذين الإرهابيين، حتى أنّ وزير الدفاع الفرنسي، جون ايف لودريان، لم يستطع الجزم، بأن الصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام تخص جثة بلمختار، قائلا :«لست متأكدا إذا كان هو". وأضاف أنه "إذا كان يمكن للرئيس التشادي أن يزودنا بكل العناصر التي تشكل أدلة قاطعة على مقتل كل منهما فسيكون ذلك أفضل، لأننا لا زلنا نبحث عن الأدلة". مؤكدا في الوقت نفسه، إنه في حال التأكد من مقتل هذين الإرهابيين، فإن ذلك سيكون خبرا سعيدا ولكن ذلك لا يعني أنه سيتم تسوية كل شيء. وجاءت تصريحات الوزير الفرنسي غداة تأكيد الرئيس التشادي ادريس دبي مجددا، أنّ المدعو أبي زيد ومختار بلمختار قد قتلا في معارك بشمال مالي، مشيرا إلى أنه لم يتم عرض الجثتين احتراما لمبادئ الشريعة الإسلامية. بالمقابل، أعلن جون ايف لودريان، أنّ حوالي15إرهابيا قتلوا ليلة الاثنين إلى الثلاثاء خلال اشتباكات عنيفة بين القوات الفرنسية والتشادية، وبين المسلحين بمنطقة وادى اميتيتاى شمال شرق مالي. وأضاف"لقد فرضنا طوقا حول مناطق ايفوقاس ووادى اميتيتاى" التي تشكل معاقل الإرهابيين، مشيرا في الوقت نفسه، إلى استمرار العمليات الأمنية في المنطقة، دون أن يشير إلى أي خسائر للقوات الفرنسية والتشادية خلال هذه الاشتباكات. ودخلت القوات الفرنسية إلى جانب نظيراتها التشادية والمالية في الأيام الأخيرة، في المرحلة الصعبة من عملية سيرفال التي أطلقتها فرنسا في ال11 جانفي الماضي، بهدف القضاء على التنظيمات الإرهابية المتمركزة في شمال مالي مع سقوط أولى قتلى هذه العملية في صفوف قوات البلدان الثلاثة. بالتزامن مع ذلك، أعلنت الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، أنها طلبت من المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بالتحقيق حول "الجرائم التي يكون الجيش المالي قد اقترفها" في حق جماعات إثنية خاصة العربية منها والترقية بشمال مالي. وأكدت الحركة التي كانت أعلنت تأييدها للعملية العسكرية الفرنسية، أن"الجنود الماليين مارسوا التعذيب وعمليات تقتيل بالجملة، إضافة إلى الاختفاء القصري". وكانت الغامبية فاتو بنسودة المدعي العام بمحكمة الجنايات، قد أثارت هذه القضية في28جانفي الماضي، بعد رواج تقارير إعلامية أكدت وقوع انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان يرتكبها جنود ماليون ضد سكان الشمال من أصول عربية وترقية، والذين ينظر إليهم على أنهم يدعمون الجماعات المسلحة. كما أن المدعي العام لمحكمة الجنايات قالت إنها فتحت تحقيقا أيضا حول احتمال وقوع جرائم حرب تكون مختلف الجماعات المسلحة النشطة في مالي قد ارتكبتها منذ جانفي 2012. ومع تواصل المواجهات في شمال هذا البلد، أعلن الجنرال الفرنسي قائد مهمة تكوين القوات المالية التي تشارك فيها22 بلدا أوروبيا، أن أولى طلائع الجنود الماليين المكونين من قبل الاتحاد الأوروبي سيدخلون قيد الخدمة بدءا من شهر جويلية القادم. وتريد فرنسا ضمان تكوين فعّال للقوات المالية، لتعمل إلى جانب القوات الإفريقية، لتمكينها من ملء الفراغ الذي سيخلفه انسحاب قواتها والذي لم يتم تحديد موعد له، رغم أن باريس كانت تحدثت في بادئ الأمر عن بدء عملية الانسحاب خلال الشهر الجاري.