أكد القضاء المصري أمس، أحكام الإعدام الصادرة في حق 21 متهما في قضية ملعب بور سعيد التي راح ضحيتها ما لايقل عن 73 مناصرا شهر فيفري من العام الماضي، وأصدرت أحكاما تتراوح بين المؤبد والتبرئة في حق المتهمين المتبقين. وهو ما تسبب أمس في اندلاع موجة عنف جديدة بالقاهرة، أسفرت عن مقتل متظاهر آخر في مواجهات عنيفة بين محتجين وقوات الأمن التي استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع ضد مئات المتظاهرين الذين تجمهروا بميدان التحرير، في مشهد ينذر بما هو أسوا في حال توسع أعمال العنف لتشمل محافظات أخرى في بلد تعيش حالة تململ مستمر، منذ تولي الرئيس الاخواني محمد مرسي الحكم شهر جوان من العام الماضي. وفور النطق بالأحكام، قام المئات من أنصار فريق الأهلي بالقاهرة بإضرام النار في نادي أكاديمية الشرطة بمنطقة الجزيرة قرب برج القاهرة، في نفس الوقت الذي اقتحم فيه مئات المتظاهرين مقر اتحاد الكرة المصري القريب من المنطقة وأضرموا النار فيه، مما أدى اشتعال اللهب في أجنحة عدة فيه. كما توجه الآلاف من الأنصار الغاضبين في مسيرة نحو ميدان التحرير وسط القاهرة ورمز ثورة 25 جانفي التي أطاحت بالنظام السابق وباتجاه وزارة الداخلية التي تقوم تعزيزات قوات الجيش بتأمينها. وكان أنصار نادي الأهلي، أكبر الفرق الرياضية في مصر قد لوح بالقصاص لضحايا ملعب بور سعيد على خلفية تبرئة سبعة عناصر من قوات الشرطة المتهمين في هذه القضية. ورغم أن القضاء المصري أكد أحكام الإعدام في حق 21 متهما، فإن تبرئة البعض والسجن التي تراوحت بين سنة والمؤبد في حق 24 متمها آخر أثارت غضب أنصار الأهلي، الذين وصفوا الأحكام ب "الرحيمة" وهم الذين كانوا يطالبون بالإعدام لكل المتهمين. وإذا كان أنصار الأهلي رفضوا الأحكام بحجة أنها رحيمة، فإن المحتجين بمدينة بور سعيد التي ينتمي إليها غالبية المدنيين استنكروها بشدة، وقام المئات منهم بعرقلة حركة سير القطارات التي تضمن التنقل إلى الضفة الأخرى من قناة السويس، كما أحرقوا عجلات السيارات رافعين شعارات كتب عليها "الاستقلال لبور سعيد" ومرددين هتافات رافضة للأحكام منها "غير صحيح، غير صحيح". وكانت محكمة جنايات بور سعيد عقدت بمقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة جلسة ثانية للنطق بالأحكام في هذه القضية وسط إجراءات أمنية مشددة، وتصاعد المخاوف من انفلات الوضع الأمني. وبينما أكدت المحكمة أحكام الإعدام الصادرة في 21 جانفي الماضي ضد21 متهما من أصل 73 من المتورطين في هذه القضية، أصدرت أحكاما جديدة في حق البقية من بينهم 24 متهما، منهم شرطيين أدينوا بالسجن من سنة إلى السجن المؤيد، بينما تم تبرئة 28 متهما من بينهم عناصر الشرطة السبعة الذين تم تبرئتهم في الجلسة الأولى. ولأنه كان متوقعا أن تفجر هذه الأحكام موجة جديدة من العنف بالعاصمة القاهرة ومدينة بور سعيد، فقد عادت منذ صباح أمس وحدات من المدرعات والدبابات التابعة للجيش في الظهور من جديد وسط القاهرة، بينما أحكمت بوارج القوات البحرية المصرية سيطرتها على رصيف الميناء السياحي في بورسعيد وكامل المجرى الملاحي، لمنع المتظاهرين من محاولة إيقاف حركة الملاحة في مجرى قناة السويس احتجاجا على الأحكام. وقال مصدر عسكري إن انتشار عناصر الجيش يأتي في إطار دور القوات المسلحة في تأمين المنشآت الحيوية والإستراتيجية والحيوية الهامة بالقاهرة. وأمام هذا الوضع الخطير، أكد وزير الداخلية المصري أن وزارته "لن تسمح" بأن تكون مصر "رهينة" بأيدي من وصفهم بالخارجين على القانون، وأنها "لن تتهاون" أبدا في التعامل مع أية تجاوزات تمس أمن المواطنين أو أمن المنشآت المهمة والحيوية.