استقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، بالعاصمة موسكو، هيثم المانع، العضو القيادي في المعارضة السورية في الخارج، في محاولة روسية لإقناع ائتلاف المعارضة السورية بالشروع في مفاوضات مع نظام دمشق. وقال المانع بعد هذه المحادثات إننا مقتنعون أن حلا سياسيا للأزمة السورية لابد أن يمر عبر موسكو، وأضاف أن الحل العسكري مازال جاريا على الأرض، ولكن أغلبية السوريين اقتنعوا أن حلا سياسيا أصبح أكثر من مرغوب فيه، وأن هناك فرصة حقيقية لإنهاء المأساة السورية. وجاء لقاء لافروف والمانع في وقت ما انفكت فيه السلطات الروسية تلح على السلطات السورية كما على المعارضة من أجل البدء في مفاوضات التسوية النهائية ووضع حد للاقتتال الدائر في سوريا منذ عامين. وإذا كانت دمشق قد عبرت مرارا على استعدادها الشروع في هذه المفاوضات وأكدت المعارضة السورية على موافقتها على هذا المبدأ، إلا أنّ الخلافات مازالت قائمة حول هدف كل طرف من هذه المفاوضات. فبينما تصر دمشق على التفاوض لوقف التناحر الدموي والعمل على تحقيق انفتاح سياسي، أصرت المعارضة من جهتها على جعل المفاوضات مجرد وسيلة لتحديد شروط رحيل النظام السوري وإقامة مرحلة انتقالية تنتهي بتنظيم انتخابات عامة ديمقراطية لبناء سوريا جديدة. ولكن روسيا التي تبقى أحد مفاتيح الحل النهائي لمأساة الشعب السوري رفضت مثل هذه الشروط وراحت تدافع عن مقاربة وسط وترك الكلمة للشعب السوري لتحديد الجهة التي تحكمه، وهو الموقف الذي جعل موسكو ترفض مرارا كل فكرة للضغط على الرئيس بشار الأسد لدفعه إلى باب مغادرة سدة الحكم في دمشق. ولكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن موقف بلاده بخصوص الأزمة السورية، اقتنع أن مقاربته لن تمر بالسهولة التي يريد، وأنّ الوضعية الميدانية في سوريا لن تتحسن مادامت المعارضة الرافضة لكل تفاوض أو الجهات الخارجية التي تقف وراءها والتي ترفض كل فكرة للحوار. ولكن عندما يعرف السبب يبطل العجب إذا أخذنا بمضمون تصريح وزير العدل الأمريكي، الذي أكد أن واشنطن لم تشأ تسهيل عملية التفاوض لقناعتها أن الجيش السوري الحر وقع تحت سيطرة تنظيم القاعدة، وبالتالي لا يمكن التعاطي معه في حال انتهت الأزمة ومالت كفة الصراع لصالح المعارضة السورية. وقال إنّ بلاده لا تريد أن يحل نظام قمعي محل نظام قمعي آخر” وأنه ”يجب الحفاظ واحترام الحريات المدنية، وأن الخطر وراء تغيير نظام هنا أو هناك يكمن في عدم التفاهم مع التغيير”، وهو ما يفسر ربما الموقف المتذبذب للإدارة الأمريكية مع المعارضة السورية بعد أن امتنعت عن تسليحها، مخافة أن تقع في نفس التجربة التي خاضتها في أفغانستان نهاية سبعينيات القرن الماضي عندما مكنت المعارضة الإسلامية من الأسلحة ضد التواجد السوفياتي وانقلبت عليها لاحقا منذ 2001 تاريخ الإطاحة بنظام طالبان. وهو ما يفسر أيضا الموقف الأمريكي الرافض إلى حد الآن دخول المعارضة والنظام السوري في مفاوضات مباشرة، قبل أن تضمن من سيتولى حكم سوريا بعد رحيل نظام الرئيس الأسد، واضعة نصب أعينها أمن إسرائيل ومصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في حال استولى تنظيم القاعدة جماعة النصرة التي تقاتل النظام السوري، وسارعت واشنطن إلى إدراجها في قائمة التنظيمات الإرهابية رغم احتجاج ائتلاف المعارضة السورية في الخارج على ذلك.