أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس بمناسبة الاحتفال بعيد الطالب أن قلة مناصب الشغل مقارنة بعدد حاملي الشهادات العليا أمر غير مقبول وأنه يجب اتخاذ إجراءات لتدارك هذا الخلل، ودعا من جهة أخرى الطبقة المثقفة إلى المساهمة في إنجاح الإصلاحات التي باشرتها السلطات. وأشار الرئيس بوتفليقة في رسالة بعثها إلى الطلبة بمناسبة مرور 52 عاما على إضراب الطلبة ليوم 19 ماي 1956 إلى أن ما تم بذله في سبيل توفير المرافق لفئة الطلبة "والتقدم المحرز على صعيد الكم من حيث ارتفاع عدد التلاميذ والطلبة لم يكن مصحوبا دائما بتحسن التكوين لا من حيث الجودة ولا من حيث الاستجابة لمتطلبات سوق التشغيل" . وأوضح أنه كان من نتيجة هذا الوضع أن "وجدنا أنفسنا اليوم بعدد لا يستهان به من حملة الشهادات الذين لا يجدون عملا لهم'' واعتبر رئيس الجمهورية هذا الامر "غير مقبول في نظر المعنيين وفي نظر الأمة جمعاء " . وأبرز الرئيس بوتفليقة أن استحضار ذكرى يوم 19 ماي 1956 المشهود الغاية من ذلك "تأكيد ضرورة فتح مرحلة جديدة من ثورتنا الوطنية مرحلة تعنى بإعادة التصنيع وبتطوير الفلاحة وتحديث مؤسسات الدولة وكيفية سيرها"، وربط نجاح هذه المرحلة الجديدة ب "التجند الذكي والفعال لنخبتنا المثقفة المتخرجة من الجامعات الجزائرية"، معتبرا أن "مثل هذا النجاح يعد بحق تحديا سلميا لا يقل عن ذاك الذي واجهه ورفعه صناع التاسع عشر مايو 1956 إن لم يكن أكبر وأصعب" . وقدم القاضي الاول في البلاد صورة ايجابية عن ما تركه اضراب 19 ماي في نفوس الطلبة الجدد وفي الشعب الجزائري قاطبة وقال "انه وبحمد الله لم تذهب تضحيات هؤلاء الطلبة الشباب سدى ولم يكن مفعولها ضروريا لاسترجاع استقلالنا فحسب بل انها بثت في شعبنا ارادة لا تقهر في إشاعة التعليم وتشجيع شبابنا على تحصيل المعارف العلمية والتقنية التي كان الاستعمار يغلق أهم مجالاتها في وجهنا"، وفي هذا السياق دعا الجزائريين اليوم الى إدراك التحول الكبير "الذي شهدته بلادنا خلال نصف القرن الذي تلا هبة التاسع عشر مايو 1956 " وأوضح أن الجزائر عرفت قفزة نوعية في مجال الاهتمام بالمتمدرسين والطلبة وقال أنه "بالرغم من ارتفاع عدد الساكنة بثلاثة أضعاف أضحى التعليم الذي كان لا يتعدى 10 بالمائة من أطفالنا شبه شامل وأصبح عدد الطلبة الجامعيين الذي كان لا يتجاوز بضع مئات يفوق اليوم مليون ومائة ألف طالب" . واستغل رئيس الجمهورية فرصة إحياء هذه الذكرى للتذكير بالتراجع الذي حصل في مجال التصنيع رغم الخطوات التي تم تجسيدها في الماضي وقال "لئن كانت الثورة التعليمية قد شهدت تقدما ثابتا من حيث الكم فإن الأمر مختلف بالنسبة لبقية قطاعات اقتصادنا وخاصة منها الصناعة التي وجدت نفسها وبعد أن حققت تطورا يبعث على الافتخار وجدت نفسها في مسار تفكيك تلته حالة من التقهقر الصريح" . وفي استحضاره للجانب التاريخي لإضراب 19 ماي وصف الرئيس هذا الإضراب بالقرار التاريخي التي عرف التحاق الطلبة بصفوف جيش التحرير الوطني وجبهة التحرير الوطني. ووجه رئيس الجمهورية بهذه المناسبة "تحية إكبار لتلك الشجاعة الوطنية التي تحلى بها الطلبة والطالبات الذين سخروا أنفسهم لخدمة شعبهم الذي انطلق في الكفاح منذ غرة نوفمبر 1954 في سبيل انتزاع حريته واستقلاله" . وأكد الرئيس "لقد ساهم هؤلاء الفتيان والفتيات بفضل تكوينهم الفكري وعلمهم في تحويل حربنا من أجل الاستقلال السياسي الى ثورة وطنية حقيقية تصبو إلى تحديث مجتمعنا تحديثا تاما وتهيئته لاستيعاب روح العصر عندما يسترجع حريته" .