تشير معطيات المنظمة العالمية للصحة، إلى أن ثلث سكان المعمورة يعانون من ارتفاع ضغط الدم الشرياني، وأن هذه النسبة مرشَّحة للارتفاع مع التقدم في السن. كما تتوقع وزارة الصحة تسجيل أكثر من مليون و600 ألف إصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني بالجزائر لدى البالغين 60 سنة فما فوق سنة 2015، وأكثر من مليوني حالة مع آفاق 2020. أكد رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض الشرايين الأستاذ منصور بروري، أن الوقاية من الأمراض المزمنة تستدعي التحسيس وتوعية المجتمع حول العوامل المتسببة فيها. ودعا بروري رئيس مصلحة الطب الداخلي بمستشفى بئر طرارية بالجزائر العاصمة، السلطات العمومية إلى وضع برامج مدمجة للوقاية من الأمراض المزمنة التي وصفها ب ”غير المعدية” ولكنها ”تشكل خطورة” من خلال التعقيدات الناجمة عنها، ناهيك عن أعبائها الاجتماعية والاقتصادية ومعدل انتشارها وعدد الوفيات التي تتسبب فيها. ومن بين العوامل المشتركة التي تتسبب في هذه الأمراض المزمنة والتي يجب مكافحتها، ركز الأستاذ بروري على توعية المجتمع حول مخاطر التدخين والمخدرات والكحول والاستهلاك المفرط للملح والسكر والدهون والسمنة والتلوث، وتشجيعه على ممارسة الرياضة واتباع نمط غذائي سليم. وأضاف أن الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني يضاعف من نسبة الإصابة بأمراض القلب وجلطة الدماغ والعجز الكلوي، وإذا لم يتم معالجتها فإنها تؤدي إلى الإصابة بالعمى وعجز في جهاز القلب ووظائفه. كما تزيد حالة الفرد الذي يعاني من ارتفاع ضغط الدم تعقيدا إذا كان مصابا بإحدى العوامل المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين مثل داء السكري. وحسب نفس المتخصص، فان الدول المتقدمة تمكنت من التحكم في كل العوامل المؤدية إلى هذا الداء، والتي كانت تشكّل يوما ما عبئا على الصحة العمومية، واستطاعت أن تخفّض من الأمراض المزمنة وفي مقدمتها أمراض القلب. وحسب المنظمة الأممية فإن أعلى نسبة لعدد المصابين بارتفاع ضغط الدم سُجلت بالدول الإفريقية ذات الدخل الضعيف، وهي نسبة 40 بالمائة، هذا ما أوضحته تقارير وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بالجزائر؛ حيث تتوقع تسجيل أكثر من مليون و600 ألف إصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني لدى البالغين 60 سنة فما فوق سنة 2015، وأكثر من مليوني حالة مع آفاق 2020، في حين أكدت الدكتورة جميلة نذير نائب مدير بالوزارة مكلَّفة بالوقاية من الأمراض غير المتنقلة ومكافحة عوامل الإصابة، أن الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني قد بلغت 49 بالمائة لدى الأشخاص البالغين 60 سنة فما فوق، مشيرة إلى أن هذه الإصابة ستبلغ بعد سنتين أكثر من مليون و600 ألف حالة. واستنادا على دراسة أنجزتها الوزارة بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، أوضحت نفس المسؤولة أن هذه الإصابة تأتي في مقدمة الأمراض المزمنة المنتشرة بالمجتمع الجزائري بنسبة 26 بالمائة لدى الأشخاص البالغين 25 سنة فما فوق. وترى الدكتورة نذير في نفس السياق، أن أمراض القلب والشرايين تضاعفت خلال السنوات الأخيرة؛ حيث انتقلت أسباب المعاينة عند المتخصصين من 4.4 بالمائة إلى 8.87 بالمائة، وتأتي الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني في المقدمة بنسبة 60 بالمائة. وقد دعت المنظمة العالمية للصحة هذه السنة بمناسبة إحياء اليوم العالمي للصحة، إلى الوقاية والتحسيس ضد العوامل وتعقيدات الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني، منبهة الأشخاص الكبار إلى ضرورة المراقبة الذاتية للضغط الشرياني مع احترام النصائح الطبية حول هذا الداء. ويشكل مرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني عبئا على الصحة العمومية؛ سواء كان ذلك من ناحية معدل انتشاره بالجزائر والعالم أو التعقيدات التي يتسبب فيها. كما يُعتبر هذا المرض من بين الأمراض التي يمكن تفاديها من خلال تعزيز الوقاية ضد العوامل المتسببة فيها، أما إذا تأكدت الإصابة بالمرض فإنه يمكن علاجه، وذلك بوصف الأدوية المناسبة التي تكون مرفوقة باتباع نمط معيشي سليم.
عدم احترام المعايير ببعض المؤسسات الصحية ويرى من جهته الدكتور فتحي بن آشنهو طبيب بإحدى المؤسسات الصحية الجوارية، أن العديد من الأطباء لا يحترمون المعايير العلمية المطبَّقة في قياس ضغط الدم الشرياني للمريض، مؤكدا أن العديد من الأطباء يقومون بقياس ضغط الدم وسط الضجيج، في فضاء غير مريح، مما يعطي مؤشرات خاطئة حول صحة المريض. كما سجّل أسفه للوقت الوجيز الذي يخصصه بعض الأطباء لمعاينة مرضاهم، والذي لا يتجاوز 7 دقائق، في حين تنصح المنظمة العالمية للصحة بتخصيص 15 دقيقة لكل مريض على الأقل. وبخصوص استقلالية المؤسسات الصحية الجوارية عن المستشفيات الجامعية للوطن من ناحية التسيير، أوضح الدكتور بن آشنهو أن ذلك ”لا يخدم الصحة العمومية” في بعض الحالات؛ لأن العديد من هذه المؤسسات أصبح يغلب عليها الطابع الإداري وتراجعت مهامها الطبية. وفيما يتعلق بوحدات الكشف والمتابعة الطبية المدرسية يرى نفس المتخصص أنها تلعب دورا هاما في الوقاية والتربية الصحية للأجيال القادمة.