أجمعت تشكيلات مختلفة من المجتمع المدني، على أن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في إطار المخطط الجديد لسياسة الجوار الأوروبية المتجددة ستعود بالفائدة على بلادنا فقط، إذا ما كانت هناك مواقف مبنية على التعاون المشترك والمنفعة المتبادلة، مع التركيز على احترام سيادة الشعوب ومبادئها وكذا مواقفها الدولية المعروفة. وفيما عدا ذلك، فإن أي اتفاق سيندرج ضمن اتفاقات الشراكة المبرمة مع الاتحاد الأوروبي سنة 2002 ما دامت أهدافه بناءة ولا تستهدف استقرار الشعوب وأمنها. وفي لقاء نظمه أمس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي خصص للمشاورات بين المجتمع المدني والاتحاد الأوروبي حول سياسة الجوار الأوروبية المجددة، يتبين أن شريحة واسعة من ممثلي المجتمع المدني أصبحت واعية بمضامين عروض الشراكة والتعاون التي تعرضها منظمات وهيئات دولية مختلفة ومنها الاتحاد الأوروبي، ومن منطلق التجارب السابقة، دعا أغلب المتدخلين في هذا اللقاء إلى ضرورة أن لا تكون هذه السياسة الجوارية منفذا لضرب استقرار الجزائر أو الضغط عليها بشكل أو بآخر، من أجل إرغامها على التنازل أو التراجع عن مواقفها الدولية المعروفة. وخلال تدخله، رحب السيد محمد الصغير باباس، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بكل تباحث وتشاور يعمل على توحيد الرؤى المستقبلية للشراكة مع الاتحاد الأوروبي على اعتبار هذه الشراكة مهمة بالنسبة للجزائر، التي لا تزال تتمسك بحقها في الاستفادة من الخبرة والتجربة الأوروبية، ضمن سياسة الشراكة بين الطرفين والتي يجب أن تكون مبنية على المنفعة المتبادلة وخدمة الصالح العام لمنطقة حوض المتوسط ودول الجنوب التي تتطلع إلى هذه الشراكات، مضيفا أن إشراك المجتمع المدني في هذه المشاورات جاء من منطلق الإصلاحات التي شرع فيها رئيس الجمهورية، التي تهدف إلى تثمين جميع الفعاليات الاجتماعية..حتى إذا طبقنا هذه العلاقة يكون تطبيقها سليما ومفيدا. من جانبه، أبرز السيد علي مقراني مدير التعاون مع الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الأوروبية أهمية المخطط المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي حول سياسة الجوار الذي تبلورت فكرته سنة 2004، أي بعد توقيع الجزائر على اتفاقية الشراكة مع أوربا سنة 2002 والتي لم تدخل حيز التنفيذ إلا في سبتمبر 2005، مؤكّدا أنّ الجزائر ليست متخوفة من أية سياسة تشاركية مع الاتحاد الأوروبي. ولا تمانع الجزائر أن تدرج سياسة الجوار الأوروبية المجددة ضمن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن السياسة الجديدة مبنية على عدة جوانب وملفات موجودة في الأصل في اتفاق الشراكة -مضيفا- أن الجزائر تشترط أن تكون السياسات المنصبة في اتجاه المنطقة مبلورة من الطرفين، وعلى هذا الأساس وافقت بلادنا على مبدأ إعادة النظر في سياسة الجوار التي يقترحها الاتحاد الأوروبي حتى تتم إعادة بنائها وفق أفكار لينة وقابلة للتعديل في أي وقت، مع الأخذ بعين الاعتبار واقع كل منطقة. من جانبها، أبرزت مداخلات المجتمع المدني مدى الوعي الذي تتمتع به هذه التشكيلات التي عبرت وبوضوح مدى تمسكها بوحدة التراب الوطني والهوية الجزائرية وكذا بالمواقف الثابتة للدولة الجزائرية، خاصة ما تعلق منها بحقوق وسيادة الشعوب والرغبة العميقة في تطوير التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي خاصة ممثلي المجتمع المدني الأوروبي الذي يتمتع بخبرة ميدانية طويلة يمكن الاستفادة منها بعيدا عن المخططات التي ترسم هنا وهناك للتربص باستقرار الدول.