"حورية” مثال المرأة الجزائرية التي لم تستسلم في وجه الإرهاب خلال سنوات الخوف والموت، اختارها المخرج شريف عقون لتكون بطلة فيلمه الموسوم “البطلة”، في أول عمل سينمائي له. وتروي أحداثه بطولة واستماتة المرأة التي عاشت مأساة حقيقية بسبب وفاة زوجها وعائلته على أيادي جماعة إرهابية، ثم تواجه مصيرا اجتماعيا صعبا، لكن رغم كل العراقيل استطاعت أن تربي ابنيها بنفسها، وفي الوقت نفسه تبحث عن حقيقة ما وقع في تلك الفترة. دخل الفيلم المطول “البطلة” لشريف عقون عالم السينما بعرضه الأول أمس بقاعة ابن زيدون بمركّب رياض الفتح، وبحضور المخرج والممثلين والفرقة التقنية. و«البطلة” فيلم درامي مدته ساعة ونصف، تناول فيها المخرج شريف عقون العديد من المواضيع، على غرار قضية المفقودين، وبعض السلوكات التي لم يعرفها الجزائريون من قبل وتغيرت بسبب بطش الإرهاب، ورصد شدة المعاناة التي تكبّدها الجزائريون من خلال التركيز على الوجوه الخائفة والباكية والمصدومة. تدور الأحداث، وهي مستمَدة من قصة واقعية حبكها عبد الله عقون، في أواسط التسعينات، حيث كان زوج حورية “عاشور” (خالد بن عيسى) يدير مزرعة مع شقيقيه “مراد” و«جلول” على بعد بضعة كيلومترات من الجزائر العاصمة، وبينما كانت الجزائر تمر بالعشرية السوداء تكاتفت الهجمات الإرهابية على القرويين والمزارع المعزولة، وسقط عاشور ضحية اشتباك جماعة إرهابية مع قوات أمنية، وبعد أسابيع يُقضى على أسرة عاشور خلال هجوم على المزرعة، وتُسبى زوجة جلول وأختهم نوال. تنجح حورية بالفرار وإنقاذ الأطفال (ابنيها وبنت جلول) وتلجأ إلى أسرتها بمدينة الجزائر، لكن سرعان ما تظهر صراعات، كان سببها المحوري هو دفاع أم حورية عن ابنها “أحمد” (أرسلان)، الذي قام بسحب كل ممتلكات حورية وابنيها وسخّرها لابنه البكر في مشروع فتح شركة مقاولات، وأمام هذه الصدمة الثانية لحورية بعد أن خذلتها الأم والأخ معا، لم تجد هذه المرأة من مانع في الخروج للعمل وفتح آفاق جديدة من أجل ولديها ومن أجل “حنان” بنت “جلول” و«جميلة”.ولم يعتمد المخرج على منح شكل معيَّن لوجه الإرهابيين، وبرر شريف عقون هذا الخيار بأنه قناعة منه، لأنه فعلا لا يعرف هيئة هؤلاء الإرهابيين، واكتفى بصور ظلية وتصوير أرجلهم، مع التركيز على صوت القنابل والرصاص. والمخرج شريف عقون متحصل على شهادة ليسانس في الفيزياء، تنقّل بعد ذلك إلى باريس للحصول على درجة الماجستير، ولكن بعد عام دون منحة دراسية تخلى عنها، اغتنم فرصة منتصف السبعينات واشتغل وسافر عبر أوروبا، وفي عام 1978 بدأ دراسة السينما في مدرسة التعليم العالي للفيلم بباريس. وفي عام 1981 عاد إلى الجزائر واشتغل بالتلفزيون كمساعد مخرج أول. وفي عام 1990 أخرج أول فيلم محترف باللغة الأمازيغية. وفي العام الموالي اختير هذا الفيلم القصير من 22 دقيقة في المهرجان الدولي للفيلم القصير بكليرمون فيران، وفيلم “البطلة” هو أول فيلم روائي مطوّل له.