رفض الفنان التشكيلي رشيد قريشي، أن يُنعت بفنان الإسلام، معتبرا نفسه فنانا معاصرا، إذ ينهل من عقيدته الإسلامية أفكارا وفلسفة في عمله الإبداعي المتميز، وفي الوقت عينه، يدافع عن الدين الحنيف من خلال معارضه الناجحة في العديد من الدول وفي القارات الخمس، من خلال لوحاته الفنية الاستثنائية التي أبهرت العالم فعلا، وما نجاحه وشهرته الدولية إلا دليل قاطع على ذلك. قال الفنان رشيد قريشي، أول أمس بدار عبد اللطيف بالجزائر العاصمة، في ندوة صحفية بمناسبة تقديم معرضه الجديد ”مقامات”، أنه ليس ”إماما” بل فنان تشكيلي معاصر، يأخذ من التراث المحلي قاعدة في تشييد صروحه الفنية المدهشة، بتحكمه الجيد في الأدوات والوسائل العصرية، مشيرا إلى أنه يرفض وصفه بفنان الإسلام. في الموضوع نفسه، أكد صالح حسن الذي يشغل منصب أستاذ لتاريخ الفنون بجامعة نيويورك بالولايات المتحدةالأمريكية، أن رشيد قريشي هو فنان حديث ومعاصر، مستوعب للحركات الفنية الغربية الحديثة، والفن المصاحب له سواء كان أداء أو تركيبا، ودعا المؤرخين لتصنيفه ضمن خانة الفنانين المختصين في مجال الفنون الحديثة متأثر بحركة العولمة. وأضاف الأستاذ، أن رشيد قريشي متشبع بالثقافة العربية والإسلامية، وهذا لا يعني بالضرورة أن يكون حق الامتياز للغرب في الفن المعاصر، مضيفا أن هذا الفنان الجزائري لا يأخذ الحرف بالمعنى الديني، وإنما مزج بين الخط والحداثة، وطور اللغة العربية في شكلها أي الخط بكل الوسائل الحديثة، واعتبره صالح حسن فنانا عالميا وقامة من قامات الفن والفكر. وبالعودة إلى معرضه الجديد ”مقامات”، كشف رشيد قريشي أنه يقدم معرضا لآخر إبداعاته، التي عرضت أول مرة بمدينة ميونيخ الألمانية سنة 2010، وقد جاء للرد على الجهات الغربية المروجة لفوبيا الإسلام، ومن هاجموا الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) في الرسومات المسيئة، حيث أعرب عن استيائه لكون الإسلام هو الذي يدفع الفاتورة في كل مرة؟ في إشارة منه إلى التوترات الموجودة في الغرب. ويشير عنوان هذا الحدث، ”مقامات رشيد قريشي بدار عبد اللطيف”، إلى المسار الفني وإلهام الفنان المتصل بالروحانية الصوفية. ورُتب المعرض في الفضاءات الداخلية وحدائق دار عبد اللطيف، سيتضمن سلسلة من 80 طبعة حجرية (ليثوغرافيات) مخصصة لعشرة من أولياء التصوف الإسلامي، وهم سيدي بومدين شعيب، جلال الدين الرومي، رابعة العدوية، ابن العربي، ابن عطا الله الإسكندري، الحسين بن منصور الحلاج، فريد الدين العطار، الشيخ سيدي أحمد التيجاني، الشيخ العلوي المستغانمي، وسيدي عبد القادر جيلاني. فكل ولي ممثل بسلسلة من ثمانية طبعة حجرية ( ليثوغرافيات) ذات لون معين، الألوان تختلف من ولي لآخر، وعرضت هذه الليثوغرافيات في الفضاءات الداخلية أما في حدائق دار عبد اللطيف، فعرضت سبع منحوتات كاليغرافية من خشب الأبنوس، بعنوان ”صلاة على الغائبة”. فن رشيد قريشي الذي يعدّ فنا معاصرا، يعتمد على الخط العربي ورمزية الإسلام، ومثال عن ذلك أسماء الله الحسنى التي تعود في نهاية كل سلسلة من الطباعة الحجرية (الليثوغرافيات). وكانت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي قد أشرفت على افتتاح المعرض، الذي يدوم إلى غاية 13 جوان المقبل، وجابت مع الفنان رشيد قريشي أرجاء دار عبد اللطيف، ووقفت عند اللوحات المعروضة لتلقي الشروح. وعلى هامش المعرض، نظم ملتقى، جمع خبراء الفن الذين رافقوا ولازالوا يرافقون رشيد قريشي في مشواره الفني، من بينهم أمناء متاحف، محافظي ومسيري معارض ومؤرخي الفن، حيث تطرقوا لأعمال قريشي وإلى خبراتهم وأعمالهم الخاصة.