صدر حديثا، ديوان «لبسني لكلام» للشاعر الشعبي توفيق ومان، الذي يعد أول مؤلف يحمل بين دفتيه قصائد حداثية في الشعر الملحون، وبهذا الإنجاز، يتحول توفيق ومان إلى رائد هذا الطابع بالجزائر، في انتظار أن يلتحق به شعراء آخرون. تسعة عشر هو عدد القصائد التي يتضمنها الديوان، وهي خلاصة تجربة شعرية متفردة، أراد الشاعر توفيق ومان من خلالها أن يبني جسرا آخر في التعبير الشعبي على سطور أفقية، بعد ما أبدع في الشعر العمودي وأنتج منه العديد من الدواوين على غرار؛ «حدق مدق»، وقد قام الدكتور بولرباح عثماني من جامعة الأغواط بتصدير الديوان، وكتب أن الشاعر مزج فيها بين ثلاثية فنية وإبداعية قل نظيرها من حيث المغنى، المعنى والمبنى، ويرى أنها تنوعت صورها من مكثفة عميقة ذات رمز وإيحاء متغير ومتبدل حسب طبيعة القصيدة أو النص الشعري، وأنها تتسم بالجدية التي تحاول لغتها أن ترسم معاني الحداثة والتجديد على مستوى النص الشعبي المعاصر، إذ يعتبر توفيق ومان واحدا من رواده. وبعد ما قال بأن المنجز الشعري الجديد يعد باكورة النصوص الشعرية الشعبية الحداثية وطنيا وعربيا، قدم الدكتور بعض السمات الفنية والإبداعية التي لفتت انتباهه، إذ يكشف مدى تعلق الشاعر بالأولياء والصالحين، وألبس نصوصه لباسا صوفيا متميزا، كما أعطى نماذج من هذه المعاني قول توفيق ومان: «وتلحت تحت جناح أحمد بن موسى الولهان شفت ظلام، وضو أخضر، بعيد جايني بهدية لحقني، وضمني، وسلم عليا قاللي هاك البشارة، يا صاحب النية» كما لمس بولرباح ظاهرة فنية وأسلوبية في ديوان «لبسني لكلام»، تتمثل في توظيف الألفاظ الفصيحة داخل النصوص الشعبية، وهي سابقة إبداعية لم تحدث في أي نص شعبي، وهو ما عبر عنه الشاعر في قصيدة «كنت وحدي» حين قال: «لما سمعت كلمات زيديني عشقا زيديني وكلمات متى ستعرف كم أهواك يا أملا أبيع من أجله الدنيا وما فيها وسمعت، وسمعت وسمعت وسمعت همس يقول أحبك فوق الماء أكتبها كلمات رهيفة مسلسلة ونظيفة وأنا من عادتي نغزل لكلام» وفي فصل آخر من الديوان، نستشف تناصا لم يذكره الدكتور بولرباح في تقديمه، حيث اقتطف ومان من بعض الأغاني من نوع الراي مقاطع في قصيدة «هبال خيالي». والديوان يستحق القراءة، كونه يحمل الكثير من الأفكار الجديدة، خاصة لعشاق هذا النوع الأدبي الذي يعرف رواجا كبيرا في الوسط الثقافي الجزائري.