"المسرح الآخر” هو عنوان المشروع الذي يعود به المسرحي القدير زياني شريف عياد إلى المشهد الركحي، معتبرا إيّاه “حدثا ثقافيا وعملا متواصلا”، ويضمّ مسرحية “عين الخبزة1، سيدي فلتان” المقتبسة عن “الأسطورة كإرث” لمحمد عبو، توظيفا ركحيا لنص لليلى عسلاوي – حمادي المعنون “دون نقاب ودون ندم” بعنوان “فتنة الكلمات”. وأشار شريف عياد إلى أنّ “عين الخبزة1، سيدي فلتان” التي تُعرض يوم 28 ماي الجاري بقصر الثقافة “مفدي زكريا”، مأخوذة عن مقالات أدبية لمحمد عبو نُشرت في الصحافة وجُمعت في مؤلّف “الأسطورة كإرث”. وتتناول في أسلوب مرح مواضيع اجتماعية تجري أحداثها في قرية صغيرة هي “عين الخبزة”، ولها والٍ صالح يدعى سيدي فلتان، وسيتقاسم الأدوار الرئيسة في هذا العمل الجديد كلّ من محمد الصغير بن داوود وسفيان عطية بمساهمة الفنان نور الدين سعودي في إعداد الموسيقى والأداء، على غرار تجربته في “القوربي يا صديقي”. وأوضح المدير السابق للمسرح الوطني الجزائري، أنّه اختار في البداية ثلاث حكايات من هذه المقالات تناولت مواضيع عن السينما وكرة القدم وغيرهما، وذلك في انتظار تقديم حكايات أخرى في مرحلة ثانية، كما حدث في تجربة “مقهى السعادة”. وعن اختياره لهذا العمل قال زياني إنّه يحبّ المسرح الذي يتناول الحاضر، ويحاول أن يقترب أكثر من الجمهور ويخلق التجاوب؛ لأن ذلك يعطيه إلى جانب الفرجة صورة عن الواقع، وقصد معرفة وقياس اهتمامات الجمهور وأيضا نوعيته ورغباته، يتضمّن مشروع صاحب “قالوا العرب قالوا” و«العيطة” الجديد أيضا تنظيم ندوة بعنوان “من القراءة العمومية إلى العرض المسرحي”. وأضاف المخرج الذي يحبّ المجازفة - كما قال - أنّه ينوي بمعية الطاقم الفني، مواصلة تقديم نصوص أخرى من روايات وقصص للمسرح في شكل قراءات أو توظيف ركحي في مرحلة أولى ومناقشتها مع الجمهور قبل عرضها في شكل مسرحي، مؤكّدا أنّ ذلك يسمح للجمهور بالتقرّب أكثر من المسرح وكذا تطوير ثقافته المسرحية ومساعدته لاحقا على تحديد ميوله لنوع معيَّن، وهو ما سيمكّن الفنان من تقديم “مسرح مميّز ومتفرّد مخالف للمسرح التقليدي، وهو مسرح له مكانته في حياة المواطن والمدينة”. وطرح زياني بهذه المناسبة في لقاء صحفي، مسألة الكتابة المسرحية، معتبرا أنّه “بعد 50 سنة من الاستقلال لم يتم إلى اليوم - باستثناء النصوص الكلاسيكية ذات الحوار - تحديد الكتابة المسرحية؛ حيث لا يوجد، حسبه، كتّاب مسرحيون، ليس في الجزائر فحسب بل أيضا على المستوى العربي”، مضيفا أنّ بعض الكتّاب الذين تألّقوا في هذا المجال انطلقوا من تجربة خاصة وعملوا على الواقع مثل السوري سعد الله ونوس أو المغربي الطيب صديقي، مؤكّدا أنّ تجربتهم لا علاقة لها مع المسرح الغربي. وردا عن إمكانية عرض مسرحيته الجديدة في فضاءات ومدن أخرى قال زياني: “أنا شخص غير مرغوب فيه منذ أكثر من 10 سنوات، وهو تقريبا عمر مسرح الڤوستو، وأعمالي لا تصل إلى كلّ الجمهور”، مبديا أسفه لكون أعمال مثل “مقهى السعادة” الذي قُدّم في أواخر سنة 2011 بقصر الثقافة، “لم تحظ بحقها من العرض حتى تصل إلى أكبر عدد من الجمهور”. للإشارة، فإنّ القسم الثاني من هذا المشروع، وهو التوظيف الركحي لنص ليلى عسلاوي، سيُعرض بمكتبة قصر الثقافة يومي 5 و6 جوان المقبل، بينما تنظّم الندوة حول القراءة العمومية والعرض يوم 3 جوان بنفس المكان. ويجدر التذكير بأنّ زياني شريف عياد من الوجوه البارزة في المسرح الجزائري؛ حيث أخرج إلى جانب التمثيل، العديد من المسرحيات التي كان لها نجاح مميّز مثل “حافلة تسير” مع الراحل عز الدين مجوبي، “العيطة”، “قالوا العرب قالوا” المقتبسة من رواية “المهرج” للكاتب السوري محمد الماغوط، والتي نالت جائزة قرطاج لأحسن إخراج. كما كان بين 1985 و1988 مديرا فنيا للمسرح الوطني الجزائري، وفي 1989 أنشأ أول فرقة مسرحية مستقلة بالجزائر “القلعة” قبل أن يعيَّن في 2000 مديرا للمسرح الوطني الجزائري إلى غاية مغادرته في 2003، لينشئ في 2005 “مسرح الڤوستو”، التي يحاول من خلالها تقديم أعمال مسرحية بنظرة مخالفة؛ بالتقرّب أكثر من الجمهور وإدماجه أحيانا ضمن العمل.