مرت 8 سنوات كاملة على ذكرى وفاة الشيخة الريميتي، واسمها الحقيقي سعدية باضيف، المولودة في 8 ماي 1923 في تسالة ولاية سيدي بلعباس بالجزائر، ولدت الريميتي وترعرعت في أحضان عائلة فقيرة، تيتمت في ال 15 سنة من عمرها، فانضمت إلى فريق من الموسيقيين وتعلمت الغناء والرقص. وفي عام 1943، انتقلت إلى بلدة ريفية في غليزان، وبدأت في تحضير أغانيها الخاصة التي صورت من خلالها حياة المعوزين الصعبة وتطرقت إلى مواضيع الحب، الصداقة وواقع الحرب. في العشرينات من عمرها، تتلمذت على يد الشيخ الضب مغني راي قديم .. كانت الريميتي تؤدي الغناء في حفلات زفاف ريفية، إذ كانت أولى المغنيات اللائي يغنين وسط المجتمع الرجالي، وكانت كلمات أغانيها مفهومة من طرف العامة، إلى أن أصبحت في سنوات السبعينيات مغنية المغتربين بامتياز، ثم عادت إلى الجزائر سنة 1971، حيث تعرضت لحادث مرور أليم أودى بثلاثة من أفراد فرقتها، لتبقى في الإنعاش مدة ثلاثة أسابيع. بعد أربع سنوات من الحادثة، قصدت مكة للحج وواصلت الغناء دون تغيير نوعية ومواضيع أغانيها، إلا أنها خففت من حدتها. الطبع الغنائي الذي كانت تغنيه الشيخة يتمثل في البدوي المعروف بالراي الأصيل والڤصبة. صوتها القوي وإيقاع موسيقاها الجريئ، يوحي بتصور لامرأة عربية جريئة غير صامته ومتحررة، محتوى نصها الغنائي لا يدعو إلى تمرد، لكنه يحكي قصصا واقعية وأشياء سارية في المجتمع، حيث كانت بارعة ومتميزة في هذا المجال. أعاد الكثير من مطربي الراي أغانيها، ورغم كبر سنها، ظلت في الريادة ونافست الشباب من المغنيين في فن الراي بتجديدها الباهر والفريد. في التسعينيات، ومع عازف “الباص” في فرقة “رد هوت” زاوجت في أسطوانتها الأخيرة “أنت قدامي” بين آلات موسيقية بدوية، مثل الناي والربابة، و الموسيقى الإلكترونية. تقول الريميتي في فناني الراي: “لقد استفادوا مني لنشر موسيقى الراي، لكن موسيقاهم ليست أصيلة. قلت لنفسي؛ لأنكم تستغلونني، سوف أرد عليكم بأسلحتكم، بالموسيقى الأمريكية. وهكذا تخطيتهم بأميال”. الريميتي تركت وراءها أكثر من 400 “كاسيت”، 300 “ديسك 45، 55” “ديسك 78” دون حساب الأقراص المضغوطة، آخرها كان في 1999، وأول “ديسك 45” سجلته كان سنة 1936 لدى شركة “پاتي ماركوني”، ومن بين أعمالها؛ شاراك ڤاطع، سيدي منصور، غير البارود، شيخة، تراب ميوزيك، نوار، نجمة الراي، سلام، أنت ڤدامي. وقد واصلت الغناء إلى غاية اليومين اللذين سبقا وفاتها في حفل ضم 4500 شخص في ضواحي باريس، إذ وافتها المنية في 15 ماي 2006.