يؤمن بالعمل التطوعي؛ من أجل هذا يحب العمل الكشفي، فما كان منه إلا أن انخرط في الحركة الكشفية في سن مبكرة، ليتسنى له الإسهام في تقديم الخدمات التطوعية التي تفيد المجتمع. ولج الكشافة في الثمانينيات، حيث عرف الحياة الكشفية مرحلة بمرحلة، واليوم وبعد أن تكونت لديه خبرة طويلة في حياة التكشيف يتولى قيادة جمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، ويشرف على تأطير 20 ألف منخرط على الصعيد الوطني. نتحدث في هذا المقام عن مصطفى سعدون القائد العام لجمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية. بداية، من هو مصطفى سعدون؟ مصطفى سعدون تَحصّل على شهادة البكالوريا في سنة 1984 وحائز على شهادة جامعية في الصيانة الصناعية، أب لأربعة أطفال، أحب كل الأنشطة الرياضية. لم أستغلل شهادتي في حياتي العملية؛ كوني كنت محبا للحركة الكشفية، فمنذ صغري وأنا متأثر بالعمل الخيري التطوعي، فما كان مني إلا أن انخرطت في الكشافة الإسلامية، وبعد مدة تحولت إلى قائد فوج الشباب بالمرادية بعد أن اجتزت كل المراحل المطلوبة في الحياة الكشفية.
كيف تقيّم واقع الكشافة الإسلامية اليوم؟ لاتزال الكشافة الإسلامية الجزائرية خير مدرسة لتربية الأجيال؛ لعبت دورا مهما إبان الثورة التحريرية، وكان من خريجيها مجاهدون حرروا الوطن، واليوم تسهم في تقديم دروس تربوية توجيهية ودينية للأطفال والشباب، ومع هذا لديَّ نوع من التعقيب على الحركة الجمعوية عموما، إذ لاحظنا في السنوات الأخيرة أن هناك نقصا في عدد المؤطرين المنخرطين في الحركة الكشفية إذا ما قارنّاه بما تحويه الجزائر من طاقة شبانية؛ ما يعني أن الإقبال على الحركة الجمعوية التطوعية قليل؛ الأمر الذي يجعل عملنا محصورا في تأطير ما يقل عن 2 بالمائة من الشباب فقط.
بالحديث عن الانخراط في الحركة الكشفية، ما هو عدد المنخرطين في جمعيتكم؟ يقدَّر اليوم عدد المنخرطين في جمعيتنا ب20 ألف منخرط على المستوى الوطني، نُخضعهم للعمل وفق برنامج سنوي يمس بالتحديد المشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها المجتمع، ونرسم الاستراتيجية العلاجية لمحاربتها. كما نركز على الخدمات التطوعية في مختلف المناسبات على غرار الأعياد، ونؤكد في كل مرة على تكوين الكشاف في مختلف المجالات، ليتسنى له إدارة حياته وتكوين غيره على مستوى الحي الذي يقيم فيه، فمثلا قمنا مؤخرا بتكوين وسطاء يعملون على مستوى الأحياء في محاربة الآفات الاجتماعية على غرار التدخين والمخدرات، ونحث أيضا، بالمناسبة، الكشافة من الشباب على ربط علاقات متينة مع عمداء الحركة الكشفية، ليستفيدوا من خبرتهم الطويلة في الحياة الكشفية.
تحدثت عن نقص في التأطير، إلامَ يرجع في رأيك؟ حقيقةً، لم يعد الإقبال على الكشافة الإسلامية الجزائرية كما كان عليه فيما مضى، ولا يرجع هذا إلى غياب الثقة في هذه المنظومة التربوية وإنما يعود إلى تراجع مفهوم العمل التطوعي في مجتمعنا؛ حيث لاحظنا أن البعض يقبلون ولكن سرعان ما يتراجعون عنه؛ لأنه، في حقيقة الأمر، عمل صعب ويتطلب صبرا كبيرا. ولمواجهة هذا الإشكال نبحث اليوم في إمكانية خلق استراتيجية جديدة، نحث من خلالها الشباب على العمل التطوعي.
بعد القافلة الكشفية التي أطلقتموها مؤخرا ”لا للمخدرات”، هل تملكون مشاريع أخرى في الأفق؟ نشاط الكشافة الإسلامية لا يتوقف؛ فما إن نبدأ في مشروع معيَّن إلا ونشرع في التخطيط لمشروع اجتماعي جديد وهادف. وبالحديث عن القافلة التي شارك فيها قرابة 300 شاب ساهموا في النشاط التحسيسي كوسيط اجتماعي، نعتزم في الأيام القليلة القادمة إعادة بعث القافلة للعمل على مستوى الشواطئ، بالاعتماد على الكشفيين في المخيّمات الصيفية.
حدِّثنا عن مشاركتكم في المؤتمر العربي الكشفي الذي انعقد مؤخرا. للأسف الشديد لم تتم دعوتنا للمشاركة في المؤتمر العربي الكشفي رغم أننا نحمل مشروعا وطنيا مهمّا في مكافحة الآفات الاجتماعية، وتحديدا المخدرات، إذ أطلقنا أكبر قافلة جابت مختلف ولايات الوطن، وكان لها صدى كبير بالنظر إلى النتائج الإيجابية التي حققتها في مجال التوعية والتحسيس بمخاطر هذه الآفة.
بحكم تجربتك الطويلة في الكشافة، بِم تنصح الأولياء في زمن ضيّعنا فيه بعض القيم الأخلاقية؟ أنصح الأولياء بضرورة تشجيع أبنائهم على الانخراط في الكشافة الإسلامية؛ لما لها من دور تربوي، يكفي فقط القول إنها تعلّم جملة من المبادئ المستمَدة من الشريعة الإسلامية، على غرار الأمانة، احترام الآخر، تقديم المساعدة من دون مقابل، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولعل أهم شيء تعلّمه الكشافة أيضا، أن الإنسان مطالَب يوميا بتقديم عمل خيري لمجتمعه، ومن ثمة من يبحث عن نشأة اجتماعية صحية لأبنائه ما عليه إلا الانخراط في الكشافة الإسلامية؛ لأنها، ببساطة، وسيلة مهمة لتربية الأجيال التي يعوَّل عليها لخدمة الوطن.