اقتنعت الدول العظمى أخيرا بأن دفع الفدية للتنظيمات الإرهابية لا يقضي على الظاهرة بقدر ما يزيد في اتساعها ومن درجة تهديداتها؛ سواء ضد رعاياها أو مصالحها في مختلف مناطق العالم.وحتى وإن جاء هذا الاقتناع متأخرا واعترافا بخطأ جسيم بمناسبة انعقاد قمة الثماني الكبار بإيرلندا الشمالية، إلا أنه قرار قد يعيد الأمور إلى نصابها ويساعد على تجفيف أكبر مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية، التي وجدت في المبالغ الضخمة التي حصلت عليها من عمليات مقايضة مشبوهة، وسيلة لامتلاك ترسانة صنعت الموت ضد شعوب أخرى. والمفارقة أن دولا ممن وقّعت على هذا البند في البيان الختامي لهذه القمة، كانت سايرت منطق الإرهابيين واتبعت سياسة كان أفقها محدودا، عندما قررت تلبية مطالب الخاطفين دون حساب للعواقب الكارثية التي خلّفتها في مناطق أخرى، وكان يهمها فقط تحرير رعاياها للإفلات من الانتقادات التي كانت تتعرض لها من قبل رأي عام داخلي ضاغط. والحقيقة أن دفع الفدية لم يكن محصورا في حكومات دول بعينها ولكنه مس شركات كبرى، لم تجد حرجا في الخضوع للمنطق الابتزازي الإرهابي. والمضحك المبكي في هذه الصفقات المشبوهة، أن الجماعات الإرهابية أصبحت تختار في عمليات احتجاز الرعايا، الذين اعتادت حكومات دولهم دفع الفدية دون رعايا دول رفضت الإذعان لهذا المنطق الابتزازي إن لم نقل الإرهابي. والظاهر أن ما حدث في موقع تيڤنتورين الغازي بمنطقة عين أمناس بداية العام والتي تم ذكرها في بيان قمة الثمانية، زاد في قناعة قادة هذه الدول بالكف عن دفع الفدية؛ لأنه ينفعها اليوم حد الفرحة ويضرها يوم غد حد القنوط؛ على اعتبار أن تلك الأموال ستخصَّص لضربها ثانية ضمن دوامة اختطاف وابتزاز لا تنتهي.