تعتبر جيجيقة حاكم بلعيدي، 36 سنة، الفنانة الجزائرية الوحيدة المتمرسة في فن النحت على الزجاج، التقتها ”المساء” خلال مشاركتها في المهرجان الوطني لإبداعات المرأة الذي أقيم مؤخرا، حيث عرضت العديد من تحفها الفنية التي أبهرت الزوار لروعتها وتميّزها عن باقي الصناعات التقليدية. تحصلت بلعيدي على شهادة من المدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة، إذ تخصصت في فن الخزف على الزجاج، لتتوجه عقب تربص فني إلى مدينة ”لوميني” بفرنسا، وبعد عودتها إلى الجزائر، أنشأت رفقة زميلها المختص في نفس الحرفة، ورشتها التي أسمتها ”فار مانيا” لتطلق العنان لإبداعاتها وفنها. وفي حديثها ل”المساء”، عبرت الحرفية عن إعجابها الكبير بهذه الحرفة التحفة غير المعروفة في مجتمعنا، فالإقبال عليها لا يزال ضعيفا نوعا ما، إلا أنها وجدت محبيها في الدول الأوروبية وحققت إعجابا منقطع النظير، لاسيما في فرنسا التي تشجع النحت وترفعه لقائمة أحسن الفنون، إلى جانب الرسم والفن الفوتوغرافي. تستخدم الفنانة بلعيدي خلال عملها، عدة تقنيات معاصرة لصناعة منحوتات مختلفة الأشكال، تعتبر بمثابة فن تجريدي في عالم الرسم، على غرار تقنية التفجير وتقنية الحرارة، بالإضافة إلى تقنية الفسيفساء على الزجاج، لتبدع بها أشكالا وألوانا تدفعها أحيانا إلى إدماج الخزف، الخشب والنحاس، فأعمالها لا تقتصر على مادة أولية واحدة كباقي الصناعات التقليدية التي ترتكز على الخشب فقط أو الفخار.. تعكس مواضيع أعمال الحرفية ثقافات متعددة ترتكز على هوايتها العربية-البربرية، لتنتج منها فنا تمزج فيه أشكالا تقليدية وزخارف عالمية وتشكل بذلك قطعا فنية فريدة. وعن طريقة عملها، حدثتنا الفنانة عن أهم المراحل التي يمر بها الرسم على الزجاج قائلة: ”إن الرسم على الزجاج فن راق يتطلب الكثير من الصبر والتدقيق، لأن الزجاج مادة هشة وحساسة مقارنة بالخشب، فأي خدش على سطحه قد يجعل منظر القطعة غير جميل”، وتتخذ الفنانة عدة خطوات للوصول إلى قطعة فنية، فأولا تتأكد من نظافة سطح الزجاج المراد الرسم عليه أو المرايا المستخدمة، لأن الترسبات قد تعيق العمل عليها وتشوه المنظر عند جفافها، ثم تقوم بنقل التصميم الذي تم اختياره على سطح الزجاج بواسطة ورق الكربون، أو تضع التصميم خلف الزجاج، ثم ترسم فوقه، وبعد ذلك تستعمل قلما خاصا يسمى ”المحدد” لتحديد الرسم وتتركه يجف تماما، ثم تستخدم الألوان الخاصة بالزجاج عن طريق الفرشاة أو القطارة لملء الفراغ داخل التحديد دون ملامسة الأطراف، ويتم توزيع الألوان حسب التصميم الذي اختارته بكل عناية وتنسيق. وتنصح الفنانة مقتني هذه القطع للبيوت أو الأماكن العمل، أن يضعها في مكان يستطيع الضوء تخللها لتبدو أجمل وأروع.. سواء كان ضوءا طبيعيا أو اصطناعيا، وتقول الفنانة: ”إن المنحوتات مميزة ورائعة.. خصوصا عندما تنعكس عليها أشعة الضوء والشمس، فتتزين وتشع الرسوم بألوان رائعة، من جهة أخرى، توضح أن الرسم على الزجاج بسيط وسهل، إذ يمكن الرسم على أي شيء مصنوع من الزجاج كالأباجورات، النوافذ والأبواب الزجاجية لإعطائها رونقا وجمالا إضافيا. والجدير بالذكر أن آخر الإبداعات الفنية التي تفننت فيها الحرفية، إنجاز سقف زجاجي تتخلله قطع من الخشب والنحاس داخل مكتب رئيس الجمهورية في وزارة الدفاع. كما يمكن التمتع بأعمالها في ورشتها الكائنة بدار الحرف التقليدية بوادي قريش في العاصمة.