سدّ “مشروع كلمة” الإماراتي، ثغرة هامة في الثقافة العربية، برفد المكتبة العربية بمجموعة قيّمة من الأعمال المترجَمة مباشرة من اللغة الإيطالية. وقد حصل ذلك بفضل تشكيل كوكبة من المترجمين يشرف عليهم الأستاذ بجامعة روما عز الدين عناية، وتمكّنت تلك الثلة من المترجمين من تحقيق نجاحات باهرة في مدة وجيزة. لم تكن النصوص المترجمة مقتصرة على جنس محدّد من أجناس الثقافة أو موجَّهة إلى جيل دون آخر، بل شملت عدّة مجالات وعدّة فئات. وضمن نطاق برنامج الترجمة الشامل أصدر “مشروع كلمة” التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ترجمة جديدة لرواية إيطالية موجهة إلى الناشئة بعنوان “سيبوريا.. استيقاظ جالينو” للكاتب الإيطالي بييردومينيكو بكالاريو، بترجمة وفاء عبد الرؤوف البيه ومراجعة عز الدين عناية. تعرض الرواية مغامرة خارقة للمألوف، يتراوح نسيجها الحكائي بين الواقع والخيال، حيث يطفح موضوعها بروح الاكتشاف الذي يستحوذ على أبطالها في سعيهم الحثيث لأجل الوصول إلى اليوتوبيا المنشودة. تروي الرواية قصة مدينة خيالية فاضلة، تُعلي من قيم العلم والعمل والمثابرة والمغامرة. تظلّ المدينة متوارية عن أعين البشر العاديين لعقود طويلة ولا تطأ ربوعها سوى أقدام أصحاب الهمم العالية. يقدّم الكاتب المتميز باكالاريو روايته عبر ثلاث محطات رئيسة، تحمل كلّ منها اسم مرحلة زمنية، حيث تنبني الأولى في الحاضر، والثانية تغوص في الماضي، والثالثة تتطلع إلى المستقبل. في مستهل الرواية يتلقى بطل المغامرة أوتو فولجوري بيروتي، وهو صبي في الثالثة عشرة من عمره، هدية غامضة من جده عبر وصيته، الذي كان كلّما “أراد أن يشعره بتميّزه ينصحه بأن يحاول القيام بأمر عسير؛ لأنّ الأمور اليسيرة ينجح الجميع في القيام بها”. يبدأ الصبي، بمعاونة عمته والصديق ياجو، في رحلة طويلة، يلتقي في بدايتها بجالينو، الرجل الآلي المخبأ داخل أحد متاحف مدينة فلورنسا الإيطالية، والذي يتولى جمع المواطنين المثاليين الملائمين للمدينة الجديدة “سيبوريا”. ثم يتناول الجزء الثاني من الرواية مرحلة جديدة من الرحلة، تقود أبطال الرواية إلى مدينة باريس في قاطرة عجيبة صُمّمت في الماضي، وتحمل آيات عبقرية مهندسها. وبعد عدّة مغامرات بين أبطال الرواية ومطارديهم تنتهي الرحلة في منزل يسيرُ على قدمين معدنيتين بفضل “طاقة لومن”، طاقة المستقبل، ليتّجه إلى خارج باريس؛ حيث منطاد خاص صُمِّم ليطير إلى المدينة المثالية. ويدور الجزء الثالث من الرواية على أرض الجزيرة الغريبة؛ حيث يلتقي أوتو بحارسها، ويستمع إلى قصة سيبوريا. عقب ذلك ينشب قتال شرس بغرض درء خطر الاستيلاء عن الجزيرة، لتنتهي الرواية برحيل أوتو وجالينو وبقاء العمّة والصديق لدراسة معمار الجزيرة. الكتاب هو من تأليف بييردومينيكو بكالاريو، وهو كاتب وصحفي إيطالي من مواليد 1974 بأليساندريا الإيطالية، له العديد من الأعمال الروائية والقصصية الموجهة إلى الناشئة والشباب، وقد تُرجمت إلى عدة لغات. بدأ الكتابة في سن مبكرة؛ حيث حاز على جائزة “إيل باتيلو أفابوري”، وهي أهم جوائز إيطاليا في مجال أدب الناشئة. ومن أشهر أعماله “درب المحارب”، “ظل الغراب”، “أمير مدينة الرمال”، “باب الزمن” و«مدينة الرياح”. أَعدّت الترجمة العربية وفاء عبد الرؤوف البيه أستاذة الأدب الإيطالي الحديث بجامعة حلوان في مصر، سبق لها أن ترجمت رواية “المسيح توقف عند إيبولي” لكارلو ليفي ورواية “أنطونيو الجميل” لفيتاليانو برانكاتي. أما مراجع الرواية فهو عز الدين عناية الأستاذ بجامعة روما، من مواليد مدينة سوسة التونسية، كاتب ومترجم مقيم بروما، نقل ما يزيد عن العشرين عملا من الإيطالية، كما نشر جملة من الأبحاث تتناول علم الأديان المقارنة، منها “نحن والمسيحية” و"الاستهواد العربي” و«علم الاجتماع الديني” و"علم الأديان” و«الإسلام الإيطالي”.