استمتع، سهرة أول أمس، جمهور المسرح الوطني محيي الدين “بشطارزي”، بالعرض الأوبرالي الصيني الذي قدمته فرقة “خليونغ جيانغ” التابعة لأوبيرا بكين، وتفاعل مع الحركات الرشيقة الممزوجة بمختلف الألوان الزاهية، التي تنمقت بها أزياء الفنانين وزادتها الأنغام الصينية العتيقة أصالة وروعة، وهو ما شكّل، بحق، لوحات مميزة، بلغ حد جمالها مستوى السحر. نسجت فرقة “خليونغ جيانغ” رحلة ثقافية من حرير الفن والإبداع الصيني، ولبسه المسرح الوطني الجزائري، فواتاه أنيقا، ودليل ذلك الجمهور الذي شهد العرض وأبدى إعجابه بالكوريغرافيا الموضوعة بإحكام، والمرتبة بالتمام تقنيا وجماليا. كانت ساعة من الوقت كافية ليتعرف الجمهور الجزائري على الثقافة الصينية الضاربة جذورها عمقا في التاريخ، إذ غمرت فرقة “خليونغ جيانغ” قلوب الحاضرين بأجواء احتفالية مميزة، جاءت بمناسبة الذكرى ال51 لاستقلال الجزائر. وقدّم الفنانون لوحات جمعت بين عدة فنون، وهو ما يسمى بفن أوبرا الصين التقليدي، الذي يحمل الكثير من الرموز والخصوصيات. وقدّمت الفرقة ثلاث لوحات تروي أساطير من التراث الصيني المعروف باعتماده على الخيال والواقع معا وعلى قوة الألوان وجمال الأزياء، فشكّل المجموع أجواء فرجة استثنائية. ورغم أن العرض كان باللغة الصينية إلا أنه لم يشكل عائقا بالنسبة للجزائريين، الذين استمتعوا حقا وصفقوا طويلا للمهارات المقدمة، كما كان أداء الفنانين محترفا، واستطاعوا الدخول في أجواء العرض. ويركز هذا الفن الاستعراضي على الجانب القتالي أكثر من جانب الغناء والرقص، كون الأوبرا التقليدية الصينية تضم عدة فنون، مما جعل الصينيين يقولون: “من عرف الأوبرا الصينية عرف كل ثقافة شعبه”. وقد استلهمت الفرقة التي تأسست سنة 1950، اسمها “خليونغ جيانغ” من بحيرة بمقاطعة تحمل أيضا نفس الاسم، ويعني “بحيرة التنين الأسود”. وعقب نهاية العرض، أدلت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي بتصريح للصحافة، وقالت: “إن العرض يندرج ضمن مشاركة أصدقاء الجزائر أفراحَها، والصين صديق حميم للجزائر تربطهما علاقات تاريخية مهمة، إذ تُعد الصين أول دولة اعترفت بالحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1958، والحفل جاء بمناسبة الاحتفال بخمسنية الاستقلال والذكرى ال55 للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين”. وذكّرت السيدة تومي بمشروع بناء أوبرا الجزائر، وقالت إنه انطلق بصعوبة بسبب عدم وجود أرضية مناسبة، والآن تعمل شركة صينية كبيرة على تشييد هذا الصرح بأولاد فايت، مشيرة إلى أن المشروع هبة قدمتها الصين للجزائر. وحضر العرض إلى جانب الوزيرة سفير جمهورية الصين الشعبية بالجزائر السيد ليو ين خه وأعضاء من السفارة الصينية وصينيون مقيمون بالجزائر.