تشهد العديد من الطرق السريعة بالعاصمة حالة من الفوضى، نتيجة الانتشار الواسع لتجارة الخضر والفواكه على جوانبها، تزامنا مع شهر رمضان الكريم، حيث وجد التجار غير الشرعيين في ذلك مخرجا مناسبا لهم في غياب البديل، بعد القضاء على الأسواق الموازية، غير أن هذه الظاهرة تساهم بشكل كبير في عرقلة حركة المرور، ناهيك عن تسجيل عدة حوادث مرور خطيرة على مستوى هذه الطرق، بسبب توقف المواطنين وسط الطريق لاقتناء الخضر والفواكه، وهو الأمر الذي وقفت عليه «المساء» خلال الزيارة الميدانية التي قادتها إلى بعض الطرق، أبرزها الطريق الرابط بين الحميز وقهوة الشرقي. يبدو أن غياب البديل لإزالة الأسواق الفوضوية بالعاصمة، جعل التجار يبحثون عن حيلة جديدة لممارسة نشاطهم ولم يجدوا سوى الطرق السريعة لعرض سلعهم وتجارتهم، كما هو الحال بطريق الصواشات بالرويبة، والحميز بالدار البيضاء، حيث أكدت زيارتنا أن هذه الطرق تعرف اختناقا مروريا كبيرا، بسبب التوقف العشوائي الخطير لبعض أصحاب السيارات من أجل شراء ما يلزمهم من الخضر والفواكه، في حين لا يكلف فيه البعض الآخر نفسه عناء التوقف وركن سيارته على الجانب، ليكتفي بالتوقف أمام البائع ويطلب ما يريد شراءه من نافذة سيارته، مما أصبح يتسبب في طوابير طويلة غير متناهية من السيارات، تؤدي إلى شجارات بين مستعملي نفس الطريق.
الأسواق المتنقلة ديكور يطبع طرق الحميز والصواشات الزائر لمنطقة الحميز ومخرج حي قهوة الشرقي، يلاحظ شاحنات صغيرة متوقفة على حافة الطريق تعرض مختلف الخضر والفواكه التي تجلب أنظار أصحاب المركبات المارة بهذه الطرق، خاصة أن التجار يبيعون سلعهم بأسعار معقولة تحتم على المواطن التوقف لاقتناء حاجياته، وتقربت « المساء» من بعض التجار لمعرفة أسباب انتشار هذه الظاهرة. وعن السبب الحقيقي الذي دفعهم للمخاطرة بأنفسهم والبيع على حافة الطريق، أكد لنا أحدهم أن التجار أحيلوا على البطالة منذ فترة طويلة بسبب القانون الصارم الذي طبقته الدولة للقضاء على التجارة الموازية، وفي نفس الوقت، ذهبت وعودهم في مهب الريح على أساس أنهم سيستفيدون من الأسواق المغطاة ويعملون في إطار قانوني، الأمر الذي جعلهم يختارون الطرق بعيدا عن الأحياء السكنية لعرض سلعهم، واستحسن مواطن التقيناه بمنطقة الحميز فكرة البيع على حواف الطرق، موضحا أن الأسعار التي يعتمدها التجار تلفت الأنظار وتخفف من ميزانية أصحاب الدخل المحدود، خصوصا خلال الأيام الأولى من شهر رمضان التي عرفت ارتفاعا محسوسا في الأسعار في بعض الأسواق المنظمة، بينما أعرب بعض المواطنين الذين تحدثنا إليهم، عن رفضهم البيع في الطرق، خصوصا أن هذه الظاهرة تتسبب في عرقلة حركة المرور لساعات طويلة، وينتج عنها العديد من الحوادث، وتساءل البعض عن غياب الرقابة وعدم مبالاة السلطات المعنية التي سمحت للتجار بعرض سلعهم دون النظر للعواقب.
بقايا القمامة تشوه منظر الطرق بالإضافة إلى حالة الازدحام واختناق حركة المرور، يساهم الباعة الفوضويون في انتشار القمامة على حواف الطرق السريعة والفرعية بسبب بقايا الخضر، الفواكه والأكياس التي تشوه المكان، الأمر الذي انتقده بعض المواطنين، حيث أكدت لنا إحدى المواطنات تستعمل يوميا الطريق الرابط بين قهوة الشرقي والحميز، أن النفايات أضحت ديكورا يوميا يطبع الطريق، وأن التجار عندما ينتهون من عملهم مساء يتركون وراءهم أكوام الفضلات ولا يعيرون المواطن أي اهتمام، خصوصا أن هذه النفايات تتسبب في انتشار مختلف الأمراض، في حين وصف أحد المواطنين الطريقة الجديدة لبيع الخضر والفواكه ب«الخطيرة»، فإلى جانب تشويهها لجمال المنطقة جراء النفايات المخلفة، نتيجة عدم تنظيف الباعة للمكان، فإنها تزيد من عدد الحوادث المرورية الخطيرة، بالإضافة إلى الاختناق المروري الناتج عن سلوكات بعض المواطنين الذين يرفضون الوقوف في الأماكن المناسبة، وطالب بعض المواطنين السلطات المعنية الالتفات إلى هذه الظاهرة والقضاء عليها في أقرب وقت ممكن، عن طريق إيجاد حلول سريعة للتجار غير الشرعيين، لممارسة تجارتهم في شكل قانوني يخدمهم ويخدم المواطنين في آن واحد.
غياب سوق جوارية حوّل وادي الطرفة إلى فوضى وبغض النظر عن الطرق السريعة وغيرها، فحتى الأحياء السكنية لم تسلم من ظاهرة التجارة الفوضوية، ففي حي وادي طرفة بالعاشور مثلا، اقتحم الباعة الفوضويون جل أركان الحي، ابتداء بالأرصفة المخصصة للمارة، وصولا إلى المساحة المخصصة لركن سيارات السكان، مما اضطر المواطنين إلى استعمال الطريق المخصص لسير السيارات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعّرض حياتهم لخطر الإصابة بحوادث خطيرة لا تحمد عقباها، إلى جانب النفايات المنتشرة من بقايا الخضر والفواكه الفاسدة التي شوهت المنظر الجميل الذي كان عليه الحي سابقا، تقول إحدى السيدات في حديثها ل «المساء»، معربة عن انتقادها لانبعاث الروائح الكريهة من المفرغات العشوائية وانتشار الحشرات الضارة، وأمام هذه الوضعية، يناشد السكان والمواطنون السلطات المعنية التدخل الفوري للحد من نشاط التجار الفوضويين على مستوى الطرق السريعة أو الأحياء، وإيجاد البديل في أقرب وقت ممكن، لتفادي أي مشاكل ذات علاقة بالمواطن أو التاجر، كما عبر لنا بعض التجار عن أسفهم للعمل في مثل هذه الظروف، كون بلدية العاشور لا تحتوي على أي سوق جوارية ولا يزال أملهم كبيرا في تنظيم التجارة.