عم الاستياء أغلب ولايات الوطن خاصة بالمدن الكبرى التي بدت "ميتة" في أول أيام عيد الفطر المبارك، بعد أن أوصدت جميع المحلات التجارية تقريبا أبوابها أمام المواطنين الذين دخلوا، ككل عام، في رحلة بحث عن أبسط احتياجاتهم الغذائية من خبز وحليب، لتسقط بذلك جميع الوعود التي أطلقتها مصالح وزارة التجارة التي لم تفلح تهديداتها في إرغام التجار وعلى رأسهم الخبازين على العمل وفق نظام المداومة الذي ضبطته مختلف المديريات الولائية لأيام العيد. وعلى غرار أغلب المدن، بدت العاصمة خلال يومي العيد كمدينة أشباح لولا منظر الأطفال وفرحتهم الذي أضفى على الأجواء متعة وبهجة. ولم يلتزم أزيد من 80 بالمائة من تجار العاصمة، خاصة منهم الخبازين، بنظام المداومة الخاص بأول أيام عيد الفطر المبارك، حسب الأرقام التي استقيناها من مديرية التجارة التي أكدت أن 79 بالمائة من الخبازين المسجلين ضمن نظام المداومة الذي ضبطته مديرية التجارة لم يعملوا خلال يومي العيد ولم تلتزم ثلاث ملبنات من بين التسع المسجلة في نظام المداومة بالعمل، ومن جهتهم، لم يلتزم 253 من تجار المواد الغذائية العامة بنظام المداومة من بين 288 المسجلين في القوائم أي بنسبة 84 بالمائة، وحسب اتحاد التجار فإن مديرية التجارة لم تشرك اتحاد التجار في إعداد قائمة المداومة لتحديد التجار الأكثر استعدادا للعمل أيام العيد. وقد بدت العاصمة مدينة بلا حياة بعد أن أوصدت جميع المحلات التجارية أبوابها وضرب أصحابها عرض الحائط بمدونات مديرية التجارة التي التزم بها ما نسبته 30 بالمائة على أقصى تقدير من التجار كما زاد غياب النقل الخاص لا سيما سيارات الأجرة الأمر سوءا، ناهيك عن محطات الوقود التي وإن استقبلت السائقين إلا أنها خيبت آمالهم بغياب مختلف أنواع الوقود كما كان الحال بالنسبة ل50 بالمائة من المحطات بالعاصمة. ويشير الناطق الرسمي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين أن أقل من 7000 مخبزة التزمت بالعمل يومي العيد غير أن غالبيتها كانت بالمناطق الداخلية في الوقت الذي كان فيه الاتحاد قد أكد من قبل أن أزيد من 8000 مخبزة من بين ال14 ألف مخبزة ستلتزم بالعمل، وقد سجل الغياب الاكبر للمخابز بالعاصمة ووهران وتيبازة، حيث سوقت المخابز كميات محدودة من الخبز خلال الساعات الاولى من فجر يوم العيد، فيما استاء آخرون من انقطاع التيار الكهربائي الذي أتلف كميات من العجين حسب السيد بولنوار، وهو ما تم تسجيله بعدد من المخابز بتيبازة ووهران. وحسب السيد الطاهر بولنوار فإن مديرية التجارة لولاية الجزائر ضبطت قائمة المداومة بشكل انفرادي دون إشراك الاتحاد العام للتجار والحرفيين، كما أنها سعت إلى فرض هذا النظام على التجار دون التباحث معهم والتشاور حول ظروفهم ومدى استعداد عمالهم، علما أن غالبية العمال على مستوى المخابز يقطنون خارج العاصمة ويستحيل إرغامهم على العمل أيام العيد، غير أن اتحاد التجار يحوز على قائمة من المخابز التي يمكنها العمل في العيد "ولو أن مديرية التجارة استشارتنا لكنا أطلعناها عليها" يؤكد السيد بولنوا.
مؤسسة النقل الحضري تنقذ الموقف وقد غابت وسائل النقل التابعة للخواص يومي العيد، وهم الذين لم يكونوا معنيين في الاصل بنظام المداومة الذي خص هذا العام بشكل كبير الخبازين ومحلات البقالة، وقد التزمت نحو 30 ألف حافة على المستوى الوطني بالعمل أيام العيد أغلبها بالمناطق الداخلية للوطن في حين غابت عن كبرى المدن مثلها مثل سيارات الأجرة التي لم يلتزم ثلثها بالعمل أي ما يقل عن 50 ألف سيارة أجرة عملت من بين مجمل 150 ألف سيارة المسجلة، وحسب الناطق الرسمي لاتحاد التجار فإن لنقص سيارات الاجرة علاقة بنقص الوقود بأغلب المحطات. غير أن حضور النقل العمومي أنقذ الوضع بالنسبة للمناطق الحضرية، حيث شرعت مؤسسة النقل الحضري لولاية الجزائر والولايات الاخرى (ايتوزا) في العمل منذ الساعات الاولى ليوم العيد وضمنت حافلاتها التي انتشرت بتعداد هام النقل إلى أماكن متعددة ومطلوبة على غرار المقابر والمساحات التجارية والحدائق، أما المترو والترامواي فقد عرفا إقبالا كبيرا من قبل المسافرين الذين وجدوا فيهما الملاذ والمنقذ الوحيد في ظل غياب سيارات الأجرة التي خيبت أمل زبائنها. ويتوقع أن تسلط عقوبات صارمة على التجار المخالفين لنظام المداومة الذي شرع في تطبيقه هذا العام والمنصوص عليه في القانون المعدل والمتمم للقانون 04 / 08 والمتعلق بشروط ممارسة الانشطة التجارية الذي يلزم التجار بالعمل وفق نظام التناوب خلال الاعياد والمناسبات، علما أن القانون الذي صودق عليه شهر ماي الماضي في البرلمان يسلط عقوبات صارمة على المخالفين تصل حد الغلق الاداري لمدة تزيد عن الشهر وهي العقوبة التي تكلف صاحبها خسائر مادية مهمة بالإضافة إلى غرامة مالية تقدر ب50 مليون سنتيم.