أكد السيد عز الدين فهمي سفير مصر بالجزائر، أن الجزائر تتفهم جيدا الوضع السائد في مصر، مشيرا إلى الدور الفاعل للجزائر في كافة المحافل الدولية، ومن بينها الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن والسلم الإفريقي، الذي كان له الأثر الإيجابي على مصر. وقال السفير المصري في تصريح خاص أدلى به لوسائل إعلام مصرية، إن مصر تعي جيدا ذلك، ومن هنا كان إيفاد السفير علي حفني نائب وزير الخارجية للشؤون الإفريقية إلى الجزائر يومي 12 و13 أوت الجاري، حيث أعطى لوزير الخارجية السيد مراد مدلسي شرحا وافيا عن كافة الأوضاع المتعلقة بالمشهد السياسي في مصر، لكي تتحرك الجزائر على ضوئها، وطلب منه دعم المطالب المصرية وتوضيح حقيقة الموقف المصري. وأضاف السيد عز الدين فهمي، أنه مع تعليق عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي، أصبحت الجزائر الدولة الوحيدة التي تمثل الشمال الإفريقي في مجلس السلم والأمن الإفريقي، ومن هنا كانت أهمية زيارة السفير علي حفني. وأوضح أن الجزائر أجرت مشاورات مع الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن الإفريقى في الجلسة التي عُقدت في اليوم الموالي لمغادرة نائب وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، مشيرا إلى أن تقرير اللجنة تضمّن العديد من العناصر الإيجابية إلى حد ما. وقال السفير المصري إن بلاده مازالت تعوّل على الموقف الجزائري ليس في الاتحاد الإفريقي فحسب، بل في محافل أخرى مثل الأممالمتحدة والجامعة العربية، مذكرا بعلاقات الجزائر الطيّبة مع الدول الإفريقية غير الأعضاء في مجلس السلم والأمن الإفريقي. وأعرب في هذا الصدد عن اعتقاده بأهمية ذلك لما يتضح جليا من وجود حملة منظّمة من بعض الدول، للتأثير على المسيرة المصرية وإخراجها من سياقها، بسبب الاتصالات التي تجريها جماعة الإخوان المسلمين وبعض المحطات الفضائية أو الدول التي تحاول تشويه صورة مصر، إضافة إلى أن للجزائر تجربة سابقة مع الإرهاب، وهي تدرك جيدا كيف يمكن للإرهاب أن يعطّل مسيرة الدول. وكانت الجزائر قد أعربت عن قلقها الشديد تجاه الأحداث المؤسفة التي شهدتها مصر مؤخرا، مشيرة إلى أن الحوار هو الحل الأمثل في الوقت الراهن، داعية كل الأطراف المصرية المعنية، إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس؛ من أجل إبعاد شبح العنف الذي يهدد استقرار وأمن هذا البلد الشقيق. وقالت وزارة الخارجية في بيان لها: "إن الجزائر ترى أن الحوار بين كافة الأطراف يمثل أكثر من أي وقت مضى، السبيل الوحيد للوصول إلى توافق في الآراء بين الفرقاء، مما يتيح استعادة النظام والأمن في مصر". كما أعربت الجزائر عن الأمل في أن يستعيد هذا البلد الشقيق الاستقرار، حتى يتمكن من مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعب المصري مع الاحترام الكامل لسيادته. وقد التزمت الجزائر منذ بداية الأزمة المصرية، بموقف الحياد دون التدخل في الشأن الداخلي المصري، إذ عبّرت في أول رد فعل لها منذ اندلاع الأزمة، عن تمنياتها في أن تلبي الفترة الانتقالية الطموحات المشروعة للشعب المصري، من خلال إيجاد توافق وطني قائم على الاتحاد والمصالحة الوطنية، والسهر على احترام الأحكام الدستورية. كما أكدت على ثقتها في عبقرية الشعب المصري لإيجاد حل يحفظ وحدته واستقرار مصر وأمنها. ويصف متتبعون هذا الموقف ب« المعتدل والمسؤول" والمنسجم مع الموقف المبدئي للجزائر، والمتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتحبيذ الحل الداخلي التوافقي، في الوقت الذي تعتبر الجزائر أن الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، "مشكل داخلي مصري". ويرى دبلوماسيون أن الموقف الجزائري يحافظ على مصالح المصريين، ولا يزيد الطين بلة، انطلاقا من أن تبنّي مواقف أخرى بعيدة عن الموقف المبدئي والثابت للدبلوماسية الجزائرية، من شأنه أن يزيد الوضع تعفّنا. كما تعكس تصريحات السفير المصري تطلّع بلاده لأن تلعب الجزائر دورا رياديا في حل الأزمة المصرية؛ بالنظر إلى توفر الجزائر على مقومات أساسية، تمكّنها من أداء هذا الدور على المستوى الإقليمي، لا سيما أنها تعرف استقرارا سياسيا خلافا لدول طالتها موجة "الربيع العربي" وما أفرزته من اضطرابات خطيرة. وتنبع القناعة المصرية من فكرة أن الجزائر تملك ثقلا على مستوى القارة الإفريقية، لا سيما بعد تعليق عضوية مصر على مستوى الاتحاد الإفريقي، مما يمكّنها من تأدية دور يخدم مصلحة الشعب المصري ووقف إراقة الدماء، التي لن تزيد سوى في تعقيد الأمور. والمؤكد أن الجزائر ستسير على نهج إيجاد حل سلمي توافقي لحل هذه الأزمة في مرافعاتها عبر المنابر الدولية، لا سيما أنها مرّت بتجربة صعبة خلال العشرية السوداء، وتدرك جيدا أن العنف لن يزيد سوى في إدخال البلاد في نفق مظلم.