من بين الأشياء المتفق عليها أن النشيد الوطني يعتبر رمزا لكل دولة مهما كان توجهها السياسي أو موقعها الجغرافي، ولا زال هذا المبدأ يؤخذ بعين الاعتبار في كل الحالات والظروف، بل هناك الكثير من الدول من وضعت النشيد الوطني كرمز لكفاحها ضد المستعمر وكانت مضامينه حاسمة في نجاح نضالها على غرار ما حصل للثورة الجزائرية المجيدة. لكننا أصبحنا نتأسف للتصرفات التي لا تعطي لهذه القيم السامية أي اهتمام، وهذا الذي لاحظناه أثناء مباريات المنتخب الوطني مع نظرائه من منتخبات العالم، حيث يكثر التصفير والتشويش عند عزف النشيد الوطني للمنتخبات الزائرة، غير أن المؤكد أن أصحاب هذه التصرفات لا يمثلون الجمهور الكروي الجزائري المعروف بالتشبع بالروح الرياضية على عكس من نعتبرهم أشباه أنصار "الخضر". لقد تكررت هذه المشاهد عدة مرات بالرغم من النداءات التي طالبت بمحو هذه الصورة المسيئة لأخلاقنا ولتربيتنا، فأولى بنا أن نحترم الضيف ونكرمه دون أن نبخل على فريق بلدنا بالتشجيعات التي تنم عن تعلقنا بالألوان الوطنية التي نافس من أجلها أبطالنا في مختلف المحافل الدولية الرياضية، حيث كان ومازال همهم الوحيد هو أن يعزف نشيد "قسما" وترفرف الراية الوطنية عبر المحافل الرياضية القارية والعالمية. وقد استاءت عدة أطراف رياضية جزائرية لهذه التصرفات السلبية وكان أول المنددين بها المدرب السابق للفريق الوطني رابح سعدان وتلاه في الآونة الأخيرة خليفته على العارضة الفنية للخضر، وحيد حليلوزيتش، حيث أن كليهما عبرا عن موقف الاتحادية الجزائرية لكرة القدم المطالبة باتخاذ إجراءات تحول دون تكرار هذه السلوكات المعبرة عن غياب الحس المدني فضلا عن عدم التمسك بثقافة احترام الغير. ولأن الرياضة تربية قبل كل شيء، فإن العمل على تعميم هذه الروح يتطلب مجهودا كبيرا من طرف الأسرة التي تغرسه في نفسية الطفل ثم تدعمه المدرسة وأخيرا تجسده الأندية والجمعيات الرياضية والنوادي الثقافية والترفيهية. وبهذا نصنع المواطن الذي يحترم نفسه ثم رموز وطنه ومنها رموز البلدان الأخرى.