يفتتح البرلمان بغرفتيه دورته الخريفية غدا، في ظل تطورات متسارعة على الصعيدين الداخلي والخارجي، تخيم عليها ظلال الرئاسيات المرتقبة في أفريل 2014 وما يتصل بها من تداعيات سياسية، تجلت أولى بوادرها في المستجدات الأخيرة التي عرفها حزب الأغلبية البرلمانية، جبهة التحرير الوطني، الذي انتخب أمينه العام الجديد، في انتظار أن يحذو حليفه، التجمع الوطني الديمقراطي، حذوه لإنهاء أزمته، وكل ذلك في سياق وضع إقليمي ودولي مضطرب، يتصدره اشتداد الأزمة في مصر والتصعيد الدولي ضد النظام السوري. وستنطلق أشغال الدورة البرلمانية الجديدة من المجلس الشعبي الوطني، حيث سيترأس السيد محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس، الجلسة الافتتاحية على الساعة العاشرة صباحا بحضور الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، وأعضاء طاقمه الحكومي، فيما يرأس السيد عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، أشغال جلسة افتتاح الدورة بالغرفة العليا للبرلمان على الساعة الحادية عشرة، ليجتمع رئيسا الغرفتين بعد ذلك بأعضاء مكتبيهما وحضور ممثل الحكومة لضبط جدول أعمال الدورة الخريفية. هذه الدورة التي ستتناول عددا قليلا من مشاريع القوانين المودعة لدى مكتب المجلس الوطني، والمتصلة أساسا بعدد من القطاعات هي الطاقة والمناجم والرياضة وقانون العقوبات وقانون الاستثمار وقانون السمعي البصري، وقانون البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، ستكون في حقيقتها دورة للتحديات الكبرى، بالنظر إلى الرهانات السياسية التي تطبع المرحلة، إن على الصعيد الوطني أو الدولي، والتي سيتحمل فيها البرلمان بغرفتيه ثقل مهام الحسم في كافة القضايا المرتبطة بها، والأمر هنا يتعلق بما ينتظر الجزائر من استحقاقات هامة تتصدرها الانتخابات الرئاسية المقررة شهر أفريل القادم، واستكمال المحاور المتبقية من برنامج الإصلاحات العميقة التي أعلنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ولاسيما منها مشروع مسودة الدستور، التي تكون لجنة الخبراء القانونيين قد أنهت صياغتها مع احتمال أن تميل كفة التصديق عليها واعتمادها إلى خيار تمريرها عبر البرلمان بغرفتيه. ويبقى مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2013، من أبرز المشاريع المنتظر دراستها في البرلمان خلال الدورة الخريفية، بالنظر إلى ما يحمله من إجراءات استعجالية ذات أهمية كبرى، مرتبطة بدعم الاستثمار وتفعيل التدابير التحفيزية المتخذة لصالح الشباب في مجال التشغيل وإنشاء المؤسسات، فضلا عن القرارات المرتبطة بدفع وتيرة التنمية المحلية التي أعلن عنها الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، خلال زياراته الميدانية إلى الولايات. كما يرتقب أن يتدعم جدول أعمال الدورة بعدد من مشاريع القوانين الأخرى، التي قد يتناولها الاجتماع المرتقب لمجلس الوزراء والذي يمكن أن يتقرر انعقاده في أي لحظة من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بعد استكماله لفترة النقاهة. وفيما ينتظر أن تتناول كلمتا رئيسي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، في افتتاح الدورة غدا، كافة التفاصيل المرتبطة بأشغال البرلمان خلال هذه المرحلة، مع التذكير بالرهانات الأساسية التي تطبع هذه الدورة والتي تفرض على البرلمان لعب دور محوري فيها، لإنجاح البرنامج الإصلاحي الذي شرعت الجزائر في تجسيده في السنوات الأخيرة. ومن المؤكد أن الرجلين لن يغفلا الإشارة إلى حساسية الظرف الدولي، والتطورات الخطيرة الحاصلة على الساحتين الإقليمية والدولية، لاسيما في ظل تصعيد الخطاب الدولي الموجه في الفترة الأخيرة ضد النظام السوري، وبروز معالم تدخل دولي في هذا البلد، فضلا عن تفاقم الأزمة في مصر وما يمكن أن يكون لها من إفرازات على المنطقة ككل، وكذا استمرار حالة اللااستقرار في عدد من دول الجوار، على غرار تونس وليبيا.