استنكر الجميع الظاهرة الغريبة التي لاحظوها على جسر تيليملي بالعاصمة، الذي تحوّل بين ليلة وضحاها إلى “جسر الحب” أو ما عرّفه السكان ب “قبلة العشاق”، حيث يتقابل الأحباء لإلصاق أقفال “الحب”. ورغم أن رسالتها كانت إفشاء السلام والمحبة إلا أنها سرعان ما تحولت إلى نقطة غريبة اختلف حولها الكثيرون، الأمر الذي جعل سكان الحي ينزعون الأقفال مؤخرا؛ احتجاجا على الإخلال بالحياء الصادر عن بعض الشباب. فقد شهد جسر تيليملي بالجزائر العاصمة مؤخرا ظاهرة غريبة؛ حيث التقى حشد من الناس من مختلف الولايات ليشكّلوا تجمعا ويجعلوا الجسر مكانا يضعون فيه أقفالا للتعبير عن الحب بعد أن كان مسرحا للانتحارات في الجزائر منذ سنوات خلت. وقامت بهذه المبادرة جماعة من الأشخاص تحت اسم “السلام والحب”؛ حيث بعثت بندائها عبر الموقعين الاجتماعيين تويتر والفيس بوك، إلى كل الشباب الراغبين في التعبير عن حبهم ومودتهم لشخص معيَّن، للالتقاء عند الجسر والقيام بوضع قفل على سياجه. وكانت هذه الفكرة، حسب منظميها، لنشر السلام وتحويل الجسر من ذكرى مأساوية بعدما كان مسرحا للانتحار، إلى مكان جميل يعبّر عن الحب. وجاءت المبادرة استنساخا لجسر الفنون بفرنسا، إلا أن هذه الظاهرة اعتبرها الكثيرون دخيلة عن مجتمعنا، لتكون المبادرة مجرد تقليد أعمى للغرب. ولقيت فكرة تعليق قفل من طرف العشاق بجسر تيليملي الواقع بالعاصمة، رواجا كبيرا في المواقع الإلكترونية وعلى رأسها الفايس بوك، في الأيام الأولى من انطلاقتها، إلا أنه سرعان ما وضع سكان الحي حدا لهذه الظاهرة بنزع كل الأقفال التي يقال إنها تعبّر عن خلود الحب بين الشخصين اللذين قاما بتثبيت القفل (كادنة)، وهذا بعدما تحوّل المكان إلى وجهة للعشاق لتبادل القبل أمام أعين المارة والسكان! نظرا لأن الجسر يقابل تجمعات سكنية. ووصف السكان هذا الأمر بالاستفزازي والمنافي للمبادئ الإسلامية، خاصة أن مبدأ الفكرة دخيل على معتقدات مجتمعنا، حيث يقوم على كتابة الحرف الأول لاسم العاشقين أو أي جملة للتعبير عن الحب بينهما، ثم تنصيب القفل قبل أن يُرمى المفتاح في النهر. واعتبر بعض من مسّهم استطلاع “المساء”، أن هذه الظاهرة مسارٌ نحو الشعوذة والسحر؛ حيث ترى وردة 55 سنة أن هذه العادة من الأعمال الشيطانية التي يحاول بعض الجهّال إدخالها إلى مجتمعنا، وهي تعكس السحر والشعوذة؛ قالت: “يُعتبر القفل من الأعمال السحرية الخطيرة والمحرمة، والتي تقوم بها بعض النساء عادة للرجال أو العكس، حيث تطلب المرأة من الساحر أن يربط زوجها أو شخصا تحبه عن جميع النساء، فلا يصل إليهن بجماع أو زواج أو غيره ما عداها هي، ويقوم الساحر بقلب آيات بعض سور القرآن الكريم، وهذا كفر! ثم يعطي القفل مفتوحا للزوجة أو العاشقة، ويطلب منها أن تجعل الرجل يقفله بيده، وحين يفعل ذلك يقع في الربط، وتأخذ المرأة القفل وترمي به في بئر قديمة أو مكان لا يمكن الوصول إليه، أو تبقيه في حوزتها أو تعلّقه في مكان ما إن كانت تفكر في حله يوما، ويُحل هذا العمل بحل هذا القفل بمفتاحه!”. من جهة أخرى، قال صاحب محل للمواد الغذائية بالقرب من الجسر والقاطن بالحي المذكور، “إن هذه الفكرة دخيلة وخطيرة وتضر بمجتمعنا، خاصة إذا ما تمت الموافقة على هذا النوع من العادات فسوف يخلو المجتمع قريبا من كل مظاهر الحياء، وسيصبح كل شيء جائزا ومسموحا، إلى أن يصبح التظاهر على المثلية الجنسية شيئا طبيعيا وعاديا؛ لأن كل صغيرة قد تجر معها شيئا أضخم بعد تمهيد الطريق!”. ومقابل صفحة الفيس بوك “جسر تيليملي جسر الحب.. قفل الحب” التي نُشرت وأيدت هذه الفكرة تحت شعار “الكل لتغيير الذهنيات”، والتي ترمي إلى إدخال عادة جديدة وغريبة إلى مجتمعنا، أُنشئت صفحة مستهجنة لها على ذات الموقع تحت اسم “نحن كلنا ضد فكرة جسر الحب”؛ للتعبير عن عدم الرضى بهذا التقليد الأعمى للغرب. وانتشرت العديد من النكت ساخرة من هذه الظاهرة، التي شهدت تعليقات بالمئات من طرف مؤيدي الصفحة، وصورا للمقارنة بين سياج جسر الفنون بباريس وجسر تيليملي بالجزائر لتوضيح الاستنساخ الهزلي، والذي لا معنى له في مجتمع له مبادئ وأخلاق تتنافى تماما مع هذه الفكرة، الأمر الذي جعل شباب حي تيليملي بالجزائر يخرجون في الفترة الليلية لإزالة كل الأقفال التي بدأت تغطي سياج الجسر.