استأثرت القضية الصحراوية اهتمام العديد من المسؤولين الذين تناولوا الكلمة على منبر الأممالمتحدة خلال أشغال الجمعية العامة الأممية الجارية بنيويورك، وأكدوا على ضرورة تمكين شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير. وجدّد رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي الذي تتحمل بلاده المسؤولية التاريخية في تسوية النزاع الصحراوي؛ باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة للصحراء الغربية، دعم إسبانيا للمساعي الرامية إلى البحث عن حل عادل ودائم، يمكّن شعب هذا الإقليم المحتل من تقرير مصيره. وفي كلمة ألقاها أمام الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أوضح راخوي أن قضية الصحراء الغربية تظل من المسائل التي لم تحلها الأممالمتحدة، وأن بلده يبحث عن حل يكون “منصفا” و«عادلا” و«مقبولا” من كل الأطراف، يمكّن شعبها من تقرير مصيره في إطار أنظمة الأممالمتحدة وفي سياق مواثيقها. وأضاف أمام أكثر من 130 رئيس دولة وحكومة، أن “إسبانيا تدعّم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس”. من جانبه، دافع رئيس تيمور الشرقية تور ماتان، عن مبدأ حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، على غرار ما توصلت إليه بلاده منذ أربعة عشرة سنة. وقال من نفس المنبر إنه “لا يمكن إيجاد حل لقضية الصحراء الغربية إلا في إطار ديمقراطي، يمكّن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير، على غرار تيمور الشرقية”. وتطرق لتجربة بلاده، معتبرا إياها بمثابة “نموذج للتعايش بين الشعوب عبر المصالحة وحسن الجوار، ليس في منطقة شرق آسيا فحسب، بل أيضا في بقية العالم”. وبينما ترافع عدة دول من المنبر الأممي لصالح حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، أدان محمد سيداتي الوزير الصحراوي المنتدب لدى أوروبا، “المناورات” المغربية الرامية إلى تجميد اعتماد تقرير شارل تانوك حول وضعية حقوق الإنسان في الساحل وفي الصحراء الغربية في البرلمان الأوروبي. وكانت جبهة البوليزاريو قد أشادت بالمصادقة على هذا التقرير من قبل لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الأوروبي الثلاثاء الماضي، والذي سيُعرض للمصادقة والتصويت خلال الدورة العلنية للبرلمان الأوروبي المقررة شهر أكتوبر القادم. واعتبر سيداتي أن ما يجب إبرازه بخصوص تقرير تانوك، هو ما يتعلق بالحملة العدائية التي تشنها في الأشهر الأخيرة “اللوبيات الموالية للمغرب” بشكل “سافر”. وقال إن هذا اللوبي حاول أوّلا “حجب” مسألة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية عن كل نقاش في البرلمان، كما حاول عبر عدة مناورات تفادي إدراج المسألة في تقرير خاص للمؤسسة البرلمانية. وأضاف أن المغرب وبعدما فشل في مسعاه، لجأ إلى حيلة أخرى، تتمثل في “تذويب” المسألة الصحراوية في قضية أخرى أوسع وأشمل، ألا وهي قضية الساحل من أجل تضليل البرلمانيين والتقليل من أهمية المشكل وحجب طبيعته الحقيقية، التي تتعلق بوضوح بتصفية الاستعمار. وبالتزامن مع ذلك، ندّد الوزير الأول الصحراوي عبد القادر طالب عمر باغتيال الشاب الصحراوي رشيد المامون على يد قوات القمع المغربية في 13 سبتمبر الجاري، معتبرا ذلك “انتقاما” من مدينة أسا الثائرة ضد سياسات المحتل المغربي. واستنكر المسؤول الصحراوي “الاستخدام المفرط” للقوة من قبل القوات المغربية ضد المتظاهرين في هذه المدينة، وخلّف مقتل الشاب الصحراوي. واعتبر أن إعلان يوم حداد وطني من قبل السلطات الصحراوية بعد الأحداث التي عرفتها المدينة وتنظيم وقفات تضامن في المخيّمات والمناطق المحررة وبعثات الجمهورية الصحراوية بالخارج، دليل على أن “الصحراويين ملتحمون ومتماسكون”، داعيا إلى تقوية الوحدة الوطنية.