قدّم وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، السيد محمد بن مرادي أول أمس، بمارسيليا (فرنسا)، المبادرات التي قامت بها الجزائر في إطار ترقية الشغل ومحاربة البطالة، لاسيما لدى الشباب. وبعد أن سجل أن البلد حقق نموا اقتصاديا قويا خارج المحروقات خلال السنوات الأخيرة، سمح له بتوفير مناصب شغل، من خلال بعث قطاعات النشاط. وأكد السيد بن مرادي، أن البرنامج الوطني للاستثمار استكمل بتطبيق "السياسات النشطة" لسوق العمل. وأوضح الوزير أمام المشاركين في المنتدى الثاني للزعماء السياسيين الناشطين في مجالات التربية والتكوين والشغل، أن "ذلك تجسد من خلال وضع إجراءات تهدف إلى تسهيل وتشجيع الاستثمار المستحدث لمناصب الشغل، وكذا ترتيبات موجهة لتشجيع الاندماج المهني للشباب، سواء من خلال الشغل المأجور أو من خلال دعم خلق النشاط من طرف المقاولين الشباب". وأعرب عن تفاؤله في هذا الصدد، لكون الجزائر تتوفر منذ أكثر من عشرية على إطار اقتصاد كلي "مستقر"، وتُسجل نسب نمو خارج المحروقات "معتبرة". ويرى أن "النمو الاقتصادي خارج المحروقات" كان مدعما من طرف جهود الاستثمار التي خصصها البلد لتطوير المنشآت الاجتماعية الاقتصادية القاعدية. وهي الجهود التي ساهمت بشكل "معتبر" في توفير مناصب شغل، من خلال بعث قطاعات النشاط الموفرة لمناصب الشغل مثل قطاعات البناء والأشغال العمومية والري والصناعة والسياحة. وذكر السيد بن مرادي، أن الجزائر صادقت في أفريل 2008 على مخطط عمل من أجل ترقية الشغل ومحاربة البطالة، "يرسي أسس السياسة الوطنية للشغل". وأوضح، أن "هذا المخطط "يشكل ردا على تصور اقتصادي قصد دعم توفير مناصب الشغل، من خلال إجراءات جبائية وشبه جبائية مشجعة على التوظيف وتحسين تشغيل الشباب الطالب للشغل، وتفعيل الوساطة في سوق الشغل". وفي حديثه عن سياق الأزمة في العالم لاسيما في أوروبا التي تحتضن المنتدى حول تشغيل الشباب، أشار الوزير، إلى أن هذه الأزمة الاقتصادية والمالية أفرزت بطالة مست الشباب على وجه الخصوص، وحتى في بلدان الضفة الشمالية للمتوسط. ومن جهته، أكد الوزير التونسي للتكوين المهني والتشغيل نوفل الجمالي أول أمس بمارسيليا، أن الجزائر "شريك استراتيجي" لتونس في مجال التكوين والتشغيل. وقال السيد الجمالي في تصريح له، على هامش المنتدى"إننا نعتبر الجزائر بلدا شقيقا وشريكا استراتيجيا (...)، حيث ينبغي على العلاقات بين بلدينا أن تتعمق أكثر ولاينبغي أن نمر عبر أوروبا للالتقاء". كما أشار، إلى أن تونس لم تكن تتوفر في ماض قريب على "مخطط موسع" للتعاون مع جيرانها، لاسيما في إطار اتحاد المغرب العربي، معتبرا أنه "يجب اليوم تغيير الاتجاه والتركيز أكثر على التعاون جنوب- جنوب لاسيما بين البلدان الجارة والشقيقة التي لديها تقريبا نفس المشاكل ونفس الثقافة وطريقة مماثلة في رؤية الأشياء". وأضاف الوزير التونسي في هذا الصدد، "أنني أجريت محادثات (خاصة) مع نظيري الجزائري، واتفقنا على ضرورة أن تتعمق العلاقات بين تونسوالجزائر بشكل أكبر، وأن لا نكون دوما مجبرين على المرور بأوروبا لكي نجتمع"، موصيا "بآليات أكثر ملاءمة لإجراء لقاءات مباشرة". وقال في هذا الخصوص "أعتقد بأننا على الطريق الصحيح"، مشيرا إلى الزيارات الأخيرة التي قام بها إلى الجزائر مسؤولان سياسيان تونسيان، ولا يمكن -كما قال- أن يفسر ذلك على أنه "عودة للدفء في العلاقات" الجزائرية-التونسية، بما أنها "لم تكن يوما باردة" بين البلدين. كما أوضح الوزير التونسي، أن بلده "يعتمد كثيرا" على دعم "الأخوة الجزائريين" لكي تتقدم تونس في مسارها. وخلص إلى القول إنه "انطلاقا من ذلك، يجب إرساء سياسات قوية واستراتيجية للتعاون والعمل، لاسيما في مجال التشغيل والتكوين المهني، بما أن البطالة ومسألة التكوين تعتبر تحديات بالنسبة للجزائر وتونس في وقت واحد". وللتذكير، فإن الوزير التونسي يشارك في أشغال المنتدى ال2 للقادة السياسيين النشطين في مجال التشغيل والتكوين، إلى جانب ستة آخرين من نظرائهم المتوسطيين، من بينهم وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد بن مرادي. ومن جهة أخرى، أجرى وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي على هامش المنتدى الثاني للقادة السياسيين الفاعلين في مجالات التربية والتكوين والتشغيل في الدول العربية لجنوب وشرق المتوسط المنظم بمرسيليا من طرف المؤسسة الأوروبية للتكوين، محادثات مع المحافظة الأوروبية المكلفة بالتربية والثقافة وتعدد اللغات والشباب اندرولا فاسيليو . وتم خلال المحادثات التي جرت بحضور مديرة المؤسسة الأوروبية للتكوين مادلين سربان، التطرق إلى إمكانيات التعاون في مجالات التربية والتكوين المهني والتشغيل مع الاتحاد الأوروبي من جهة، ومع المؤسسة الأوروبية للتكوين من جهة ثانية . وضم منتدى الزعماء السياسيين حول الإدارة العمومية للسياسات في مجال التربية والتكوين والشغل في البلدان العربية لجنوب وشرق المتوسط، نحو أربعين مشاركا من بينهم سبعة وزراء وبرلمانيين من 8 بلدان من المنطقة. وينظم هذا المنتدى الذي يأتي امتدادا للمنتدى الذي نظم سنة 2012، في إطار برنامج نشاطات مارسيليا عاصمة الثقافة الأوروبية.