يتم اليوم، في جلسة عامة ينظمها المجلس الشعبي الوطني، التصويت على قانون المالية 2014، الذي تم عرضه ومناقشته منذ أسابيع، على مستوى الغرفة الأولى للبرلمان. وعشية التصويت، أكد رئيس لجنة المالية والميزانية للمجلس، السيد خليل ماحي، أنه تم اعتماد 33 تعديلا في مشروع القانون، هدفها الأساسي حماية وتشجيع الانتاج الوطني والتخفيف من حدة الاستيراد الذي بلغت قيمته أرقاما قياسية هذه السنة. وعرض أمس، السيد ماحي، في عدد جديد من "المنبر الحر للنقاش"، الذي ينظمه المجلس الشعبي الوطني، أهم التعديلات التي تمت المصادقة عليها من طرف اللجنة التي يرأسها والبالغ عددها 33، وقال إن أغلبها وأهمها يهدف إلى تشجيع الشباب على الاستثمار لاسيما في الجنوب بحيث يستفيدون من إعفاءات مدتها 10 سنوات في الضريبة على الدخل الاجمالي والضريبة على العقار والضريبة على أرباح الشركات، فضلا عن دعم الدولة للفوائد بنسبة 100 بالمائة. وأوضح المتحدث أن كل التعديلات التي مست مشروع قانون المالية 2014 ترمي إلى حماية المنتوج الوطني وتشجيعه، مستدلا بتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية والرسم على القيمة المضافة بالنسبة لبعض المواد التي تدخل في نشاطات هامة مثل الامونياك والزنك. كما تحدث عن تأطير بعض المهن مثل وكلاء السيارات، لتشجيع الصناعة المحلية في هذا المجال "أعطيناهم مهلة 3 سنوات للانتاج الصناعي المحلي"، كما أشار إليه، مضيفا أن نفس التأطير استفاد منه الصائغون والحرفيون في الذهب بغية حمايتهم من الاستيراد الذي عرف ارتفاعا كبيرا. وتسعى التعديلات كذلك إلى تشجيع المقاولين الجزائريين في البناء من خلال مساعدتهم على اقتناء بعض العتاد الخاص بالمقاولة وإعطائهم الإمكانيات للاسراع في إنجاز السكنات المبرمجة في إطار برنامج رئيس الجمهورية. وأوضح السيد ماحي أنه تمت دراسة مشروع قانون المالية مادة بمادة، بعضها مسها التعديل لأنها تطلبت التصحيح في سياق تشجيع الاستثمار وحماية المنتوج الجزائري. وبالنسبة للضريبة على الثروة، أشار رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني أنه تم اقتراحها من طرف نائب، لكن الحكومة أوضحت أن الضريبة موجودة تحت تسمية الضريبة على الممتلكات. وقال إنه إذا استلزم الأمر "فلنغير التسمية"، لكنه اعترف بالمقابل بأن هذه الضريبة "لاتجلب الكثير حاليا، لذا يجب تنشيط دور الضرائب في هذا المجال". وعن تخفيض الضريبة على الدخل الاجمالي، قال إنه تم اقتراح إعادة النظر في جدول الضرائب بالنسبة للموظفين، لكنه شدد على كون الضغط الضريبي في الجزائر هو الأقل مقارنة بدول الجوار، مذكرا بأن جدول الضريبة على الدخل الاجمالي مسه تراجع إلى خمس مرات. وعن استيراد السيارات، شدد على أن تعديلات النواب ركزت على المعايير التي يجب أن تستجيب لها من حيث النوعية، مشيرا إلى أنه تم اعتماد "المعايير الدولية" بدل "المعايير الأوروبية" لعدم إقصاء تلك المنتجة في بلدان خارج المنطقة الأوروبية. وعبر عن ارتياحه لكون الجباية العادية فاقت الجباية البترولية في ميزانية هذه السنة، إذ بلغت نسبة الأولى 63 بالمائة. وأكد أن الهدف المنشود هو التمكن من تغطية كل نفقات التسيير عن طريق الجباية العادية وضخ كل الجباية البترولية الناجمة عن الفرق بين سعر البترول المرجعي في قانون المالية والمقدر ب37 دولارا للبرميل والسعر الحقيقي الذي يتراوح بين 90 و100 دولار في صندوق ضبط الايرادات. هذا الأخير –حسب المتحدث- يمكنه تغطية العجز المسجل في الميزانية، لذا "فليس هناك مجال للحديث عن أي خطر على الجزائر"، إلا أنه استدرك بالقول إن "دق ناقوس الخطر يتم في حال انخفاض أسعار المحروقات إلى مادون ال50 دولارا". وسمح النقاش المفتوح حول قانون المالية 2014 للنواب المتدخلين بالتأكيد على ضرورة خفض حجم الواردات مجمعين على أن بلوغها 60 مليار دولار هذه السنة يعد مؤشرا مقلقا، ولذا طالب السيد يوسف خبابة، عضو لجنة المالية والميزانية، بضرورة التدخل للحد من الواردات الكمالية، واقترح التعامل بنسبتين في بيع العملة الصعبة، الأولى للمواد الأولية الضرورية التي تدخل في الصناعات المحلية والثانية للمواد الأخرى الأقل أهمية. وقال المتحدث إن قانون المالية "مازال اجتماعيا بدرجة كبيرة" في إشارة إلى الحجم الكبير للتحويلات الاجتماعية، مضيفا أنه يجب إعادة النظر في طبيعة الدعم وتوجيهه إلى الفئات الهشة فقط، وعدم الاستمرار في الدعم المباشر للمواد كما هو معمول به حاليا. ولم يتردد في القول بأننا نعيش حاليا في "اقتصاد شبه افتراضي" بالنظر إلى كون أسعار بعض المواد مخفضة ب10 مرات عن سعرها الحقيقي. معتبرا أنه إذا كان العجز في الميزانية يمكن تغطيته حاليا بموارد صندوق ضبط الايرادات، فإن الأمر قد يكون صعبا في السنوات القادمة. للإشارة، نشطت جلسة "منبر حر للنقاش" من طرف نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني المكلفة بالاتصال والثقافة والنشر والتكوين، السيدة سليمة عثماني، بحضور عدد قليل من النواب وأعضاء لجنة المالية والميزانية.