غادر الجزائر منذ 1998 إلى الشارقة، استجابة لدعوة منها قصد إحياء أمسية شعرية، ثم أقام بها وعمل في أكبر مؤسساتها الإعلامية واحتل أرقى منصب بها كمسؤول للنشر، بعد أن استعصى عليه العيش في الجزائر واضطره لبيع أثاث منزله من أجل القوت، هكذا تكلم الشاعر عياش يحياوي إثر عبوره السريع على الجزائر العاصمة في طريقه إلى الإمارات العربية، بعد غياب عنها لمدة عشر سنوات كاملة. جمعية الكلمة استغلت فرصة تواجده في الجزائر واستضافته لجلسة ثقافية حميمية من خلال تقديم كتابه الجديد «فيسبوكيات» مع البيع بالتوقيع، ضم هذا اللقاء الشاعر والباحث عياش يحياوي، إلى جانب جمع غفير من الطلبة بالمركز الثقافي «عز الدين مجوبي»، بحضور رجال الإعلام من تلفزيون وصحافة مكتوبة وحضور الزميل الصحفي والمخرج محمد الزاوي المقيم بفرنسا، الذي جاء خصيصا لعرض فيلمه الجديد حول أحد المساجين الجزائريين المحكوم عليهم بالإعدام، الذي يزور سجنه بعد خمسين سنة. «لقبش» وهو الاسم الذي كانت تناديه به أمه، وهو الذي وضعه عنوانا لسيرته الذاتية في جزئه الأول الذي يحكي فيه عن طفولته ويتمه وفقره وبيئته وعشيرته وأهله وحلّه وترحاله، والذي يشبه من حيث المنهج القصصي أيام طه حسين، غير أنه يختلف عنه من حيث النسيج التعبيري نظرا لاختلاف البيئة والأحداث، حيث أن «لقبش» يسرد طفولته إبان الثورة التحريرية المباركة في منطقة الحضنة، المسيلة، من جنوبها إلى شمالها الشرقي. أعرب الشاعر عياش يحياوي في كلمته للحضور عن سعادته بلقائه هذا وتواجده في بلاده الجزائر، خصوصا أنه شدّ الرحال يوم أمس عائدا إلى الإمارات العربية، واعدا الحضور بعودته للجزائر في شهر أفريل القادم والمكوث بها مدة شهر. كما أعرب الشاعر يحياوي عن سعادته بتقديمه لثلاثة كتب «فيسبوكيات»، تناول فيها موضوعات مختلفة من؛ حوارات، ثقافة، مجتمع، رياضة وسياسة، كما لم ينس الشاعر الحديث عن سيرته الذاتية «لقبش» التي فيها كثير من التراجيديا والتنوع. كما تطرق للزيارة التي قادته إلى الهند رفقة بوزيد حرز الله، وتحدث عن الأماكن التي زارها، منها تاج محل وضريح الشاعر العالمي طاغور وعدة أماكن أخرى إسلامية وهندوسية. وتحدث الشاعر عياش يحياوي عن السبب الذي دفعه لمغادرة الجزائر والذي يعود حسب تعبيره إلى المحنة التي عاشها سنة 1990، ومنها البطالة، وكذا إقامته في مدينة وهران، ومن بعدها العاصمة، ثم العودة إلى وهران، فاضطراره لبيع أثاث بيته من أجل لقمة العيش لأنه لم يكن له مدخول مالي. أما عن سبب إقامته في الإمارات العربية، فيعود لتلقيه دعوة من دار الثقافة والإعلام التي كانت تستضيف شاعرا عربيا كل شهر، فذهب، ثم عمل بها كرئيس تحرير لأكبر جريدة، فمساعدا على التحرير، ثم مسؤولا عن التحرير، بعدها عمل كباحث متفرغ في التراث الثقافي بالإمارات. وفي كلامه عن الإمارات، أكد الشاعر أنه أثبت وجوده فيها، وهي التي تستضيف 200 جنسية، كما أن سبب وجوده بها يعود إلى تسجيل اسمه في الذاكرة الثقافية في الإمارات والغوص في مجتمعها وثقافتها، وأنه يقضي أوقاته مع المثقفين والكتب والبادية، مما مكّنه من تأليف عشرة كتب ولم يكتب شعرا، ولم يزر الجزائر نهائيا. وأضاف يحياوي أن همه كان منصبا على أن يخط اسمه، وهذا ما تحقق له وهو اليوم باحث متفرغ، وبعد عشر سنوات، عاد إلى كتابة الشعر من جديد بديوانين؛ «ما يراه القلب الحافي في زمن الأحذية» و«عبور الجنازة.. وتباريح بدوي متجول». كما تحدث يحياوي عن اغترابه الذي قال بأنه لم يكن فرارا لأنه غادر الجزائر سنة 1998، بعد أن فقد العديد من أصدقائه في سنوات الدم والنار والدموع، حيث كان رفقة بختي بن عودة وعلولة لا يخرجان من البيت إلا بصعوبة ولا يعودان إليها إلا بصعوبة. وعن إنجازاته بالإمارات العربية؛ بحثه الذي خصصه لأقدم شاعرة في الإمارات وهي «سلمى»، وكذا الشاعر ماجدي بن ظاهر أقدم شاعر فيها، كما أنه يشتغل على بحث في الشعر النبطي بالشرق الجزائري وعن مكان في بسكرة، الليوة التي هي موجودة في الإمارات وقربها مزيرعة مثلها مثل لوية بسكرة. كما أعلن بعد الجائزة الشعرية «لقبش» التي تشرف على تنظيمها جمعية الكلمة التي قيمتها المالية 600 ألف دينار خاصة بالشعر عن جائزة أخرى «لقبش» لأحسن حوار مع أم، وهي من ماله الخاص.