تتواصل الحملة المغربية ضد الجزائر بتناوب محكم بين المسؤولين في المغرب، فتارة الملك، وتارة أخرى رئيس الحكومة ثم يأتي الدور على باقي الوزراء والمسؤولين. وهذه المرة جاء دور رئيس الحكومة بن كيران لاستكمال ما قاله الملك قبله، وذلك من خلال محاولته تحدير الشعب المغربي بكذبه "الصحراء مغربية"، بعد أن قرر المخزن تصدير كل منتوج المخدرات والحشيش إلى الجيران وإلى شعوب العالم لعلها تتخدر وتصبح لا تعي ما تقول لتتبنى أطروحات المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية. إن تحامل رئيس الحكومة المغربي على الجزائر في خطابه الأخير أمام البرلمان يعكس شيئا واحدا وهو فشله الذريع في إيجاد حلول للمشاكل والأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يتخبط فيها المغرب. ومن باب أن فاقد الشيء لا يعطيه كان لابد على بن كيران البحث عن متنفس أو أي شيئ يلهي به الرأي العام المغربي ويصرفه عن المطالب المتعلقة بانشغالاته المعيشية. وما أسهل أن تكون الجزائر هي ذلك "العدو الخارجي" حسب المسؤولين المغاربة الذين يحملون الجزائر، كلما فشلوا سواء داخليا مع الجبهة الاجتماعية الهشة أو خارجيا مع الفشل الدبلوماسي المتتالي، أسباب كل هذه الإخفاقات. وما أكثر ادعاءات المخزن وأبواقه بأن الجزائر تعرقل مساعيه لحل قضية الصحراء، لكن هل اندمج المغرب يوما بشكل إيجابي في المسعى الدولي والأممي لإيجاد حل يرضي الطرفين الصحراوي والمغربي ويفضي إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير. ثم إن كان المغرب صادقا في نيته كما يدعي، لماذا يخشى استفتاء تقرير المصير إن كان حقا مقتنعا بأن الصحراويين حسب زعمه سيختارون فكرة "الحكم الذاتي"؟ ولماذا لازال يصر على رفض تقرير المصير، بحيث يمكنه أن يطرح في الاستفتاء فكرة الحكم الذاتي كخيار إلى جانب الخيارين الآخرين وهما الانضمام أو الاستقلال؟ ثم هل الوحدة الترابية المزعومة للمغرب تستكمل بأراضي الصحراء الغربية فقط وليس استرجاع منطقتي سبتة ومليلية المحتلتين؟ ولماذا لا نرى هذا التحمس للوحدة الترابية عندما يتعلق الأمر بهذا الجزء من المغرب الذي تحتله إسبانيا؟ لقد آن الأوان ليلتفت المسؤولون المغاربة إلى مشاكلهم الداخلية ويتركوا الجزائر وشأنها لأن كل سياستها الخارجية تصب في إطار احترام الشرعية الدولية ومساندة قضايا التحرر ومبدأ تقرير المصير وحسن الجوار، ذلك أنه باستمرار تحامل المخزن على الجزائر فإنه يساهم في تعقيد الأوضاع الاجتماعية الداخلية التي يتجاهلها ويتهرب من مواجهتها.