ستتحول الصحراء الجزائرية خلال النصف الأخير من ديسمبر الحالي، إلى قِبلة للعديد من المهرجانات الثقافية المرتبطة بالتراث المحلي، عبر ثلاث وجهات هي؛ تيميمون، تمنراست والوادي، ويتزامن هذا الحراك مع الموسم السياحي الخصب للمنطقة وتدفّق العديد من السياح إليها، حيث سيتعرفون على الخزان الثقافي والفني الهائل الذي يزخر به الجنوب الجزائري عن قرب، وستكون المتعة والدهشة موعدا كبيرا لهم. تشهد المنطقة تنظيم مهرجانيين وطنيين؛ الأوّل خصّص ل"أهليل"، يقام بمدينة تيميمون، والمهرجان الثاني يحتفل بالأغنية الأمازيغية، أما مدينة الوادي أو وادي سوف فستحتضن المهرجان المحلي للأغنية السوفية، ستسمح هذه التظاهرات للزوّار باكتشاف الأوجه المختلفة للتراث الموسيقي الجزائري، إذ سيشكل الفضاء ملتقى للتقاليد وروحها المعروفة بالصحراء. بداية، ستحتفل تيميمون الواقعة بولاية أدرار في الفترة الممتدة بين 15 و31 ديسمبر الجاري، ب«أهليل"، وهو طابع موسيقي مرتبط بالتقاليد العتيقة لقرارة، تعود أصوله إلى تقليد زينات المعروف في منطقة الجنوب الغربي للجزائر ويتضمّن تعبيرات راقصة وتراثا شفهيا يتمثّل في أشعار قديمة ذات أبعاد روحية، منها تلك التي تتحدّث عن الحياة. جدير بالذكر أن وزارة الثقافة اقترحت على المنظمة الأممية للثقافة والعلوم والتربية "اليونسكو" عام 2008، تصنيف "أهليل" باعتباره بعدا ممثلا للتراث الثقافي الإنساني، ونتيجة لهذا التصنيف العالمي، نال هذا الطابع الموسيقي شهرة كبيرة وسّعت قاعدة ممارسته الفنية، كما وضع أسسا متينة لترقيته والحفاظ على مقوماته، ومهرجان تيميمون يساهم في التأسيس لكل هذا العمل التراثي. أما ولاية الوادي فستستقبل في الفترة الممتدة من 17 إلى 23 ديسمبر الجاري، الطبعة السادسة للمهرجان المحلي للأغنية السوفية، بفعاليات تحتضنها دار الثقافة للمدينة، بمشاركة جمع كبير من الفرق المحلية. في يوم الافتتاح، سيقدم عرض أوبرالي عنوانه "العطر"، وفي اليوم الموالي يلقي أحمد زغب محاضرة عنوانها "الآلات الموسيقية في منطقة وادي سوف"، تتبع بتقديم عروض مشاركة في مسابقة أحسن بحث حول إشكالية التراث الموسيقي الصوفي، وفي الفترة المسائية، تنطلق المنافسة الرسمية بحضور ضيوف شرف. وموازاة مع الحفلات، يجري نقاش في اليوم الرابع حول دواوين الشاعرين علي عناد وبشير غريب، يتبع بقراءات شعرية مقترحة من لطيفة ابراهيمي، محمد المولدي هتاف، عبد الحكيم خليفة، المهدي غمام، خديجة مصطفاوي ومباركة دحمون. كما سيلقي الأستاذ عز الدين طرش محاضرة يوم 21 ديسمبر حول "الطبوع الموسيقية لمنطقة الجنوب الشرقي الجزائري"، وتختتم المحاضرات بمداخلة عنوانها "مقارنة في الأغنية الشعبية الحدودية الجزائرية التونسية" تقدمها الأستاذة سعاد حميدي. وفي تمنراست، يعود المهرجان الوطني السادس للأغنية الأمازيغية في الفترة الممتدة بين 21 إلى 27 ديسمبر الحالي، لأن المهرجان جامع لأربعة مهرجانات جهوية نظمت في الأشهر الماضية، حيث سيشهد مشاركة الفائزين في التصفيات الجهوية للأغنية الشاوية (خنشلة)، الأغنية القبائلية (بجاية)، المزابية (غرداية) والترقية (إليزي). وستجري التظاهرة بمسرح الهواء الطلق لمدينة تمنراست في حضور لجنة تحكيم تضم خبراء في مجال الموسيقى والأغنية، تقع عليهما مسؤولية اختيار المتوجين بالجوائز الثلاث، بالإضافة إلى الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم. علاوة على الحفلات التي سيحييها المشاركون، ستجري سهرات موسيقية من 20 إلى 26 ديسمبر بساحة أول نوفمبر، سيسهر نجوم الأغنية الأمازيغية على إحياء الحفلات باختلاف طبوعها، حيث برمجت السهرة الافتتاحية لتحييها نجمة الأغنية الترقية بادي لالا رفقة باقة من الأسماء الكبيرة، تمثل فن منطقة الأهقار والطاسيلي. وعلى هامش السهرات، سيتم تنظيم يوم دراسي في 22 ديسمبر بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية، يشرف عليه الباحث في الأنتروبولوجيا بادي ديدا، موضوعه "موسيقى هندسة"، يتطرق إلى العلاقة بين الموسيقى والجغرافيا.