استعاد مجاهدون وأعضاء في الحركة الوطنية، بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة المجاهدين البطلين بن يوسف بن خدة ومحمد الأمين دباغين، مسيرة الرجلين، اللذين أجمع المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظم بقصر الثقافة مفدي زكريا، على أنهما شخصيتين عظيمتين في تاريخ الجزائر، ناضلا لعشرات السنوات من أجل الجزائر إبان الثورة وبعد الاستقلال. وقد وقف أصدقاء البطلين ورفقاؤهما عند أهم محطات مسيرة الرجلين اللذين قدما الكثير للثورة التحريرية. وأوضح رفقاء النضال ومورخون، أن المجاهد بن يوسف، رغم توجهه الإسلامي، كان يؤمن بالديمقراطية وبالتعددية والتداول على السلطة، كما أنه أكد مرارا على أنه لا يوجد تناقض بين الإسلام والوطنية. وأشاد المجاهد وعضو مجلس الثورة، الطيب الثعالبي، في هذا الصدد بخصال الرجل الثورية ومواقفه التاريخية إبان الثورة وبعدالاستقلال، خاصة تلك الحنكة السياسية التي تميز بها خلال الفترة الانتقالية التي سبقت الاستقلال، وهي خصال تتمثل في التواضع والبساطة وسعة الصدر وحب الوطن، مشيرا إلى أن المرحوم كان خلال الثورة متشبثا بمبدأين أساسيين، هما الاستقلال قبل التفاوض مع الاحتلال والحرص على عدم تقديم أية تنازلات من طرف من هم في القيادة. وبعد الاستقلال –يضيف المتحدث- كان المجاهد البطل حريصا على جمع المعلومات لاستغلالها في التأليف والكتابة عن مراحل ثورة التحرير المجيدة، وذلك في خمسة كتب هي "اتفاقيات إيفيان (1962)" و"جذور أول نوفمبر 1954" و"أزمة 1962 عبان رمضان وبن مهيدي ودورهما في الثورة" و«شهادات ومواقف". كما استعرض كل من الثعالبي والعربي دماغ العتروس حنكة الرجل التي ساهم بها في إنقاذ البلاد من الانزلاق في دوامة النزاعات التي وقعت بين الفرع السياسي والعسكري لقيادة الثورة، وهو ما يعرف بأزمة 1962 ومؤتمر طرابلس حول الاختيارات الكبرى بعد الاستقلال الذي أفرز بعض الخلافات والانشقاقات بين قيادات الثورة لولا حكمة بن يوسف بن خدة التي حالت دون وقوع الكارثة. وتطرق المشاركون إلى حياة الرجل، انطلاقا من دراسته إلى انخراطه في الحياة السياسية وفي مركز القيادة في الحركة الوطنية، حيث دخل السجون الاستعمارية وهو مايزال طالبا في الصيدلة سنة 1943، وذلك بسبب موقفه ضد التجنيد الإجباري في الجيش الفرنسي، ثم تولى منصبا قياديا بالأمانة العامة لحركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1951، كما تطرق المتدخلون إلىالصراع الذي نشب بينه وبين زعيم الحركة مصالي الحاج، حيث قاد بن يوسف بن خدة المعارضة في ما سمي بالمركزيين ضد المصاليين، كما أبرزوا نضالاته المتواصلة ودخوله السجن عشية انطلاق الثورة (سنة 1954)، والتحاقه بالثورة بعد خروجه من السجن في صائفة 1955، كما تم انتخابه في لجنة التنسيق والتنفيذ رفقة عبان رمضان وكريم بلقاسم وسعد دحلب والعربي بن مهيدي الذين كانوا يمثلون قيادة الداخل، ليتم فيما بعد تعيينه وزيرا للشؤون الاجتماعية في الحكومة المؤقتة ثم توليه في أوت سنة 1961 منصب رئيس الحكومة المؤقتة. بدوره، استحسن المجاهد زهير احدادن، الربط بين ذكرى وفاة المجاهدين الأمين دباغين وبن يوسف بن خدة هذه السنة وذكرى تأسيس حزب الشعب الجزائري، مشيرا إلى أن الجمع بين الرجلين له دلالة واضحة على التشابه الكبير الموجود بينهما من ناحية الأخلاق والكفاءة العلمية والمسيرة النضالية. وثمن رفاق البطلين قرار رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، تسمية جامعة الجزائر باسم بن يوسف بن خدة ومستشفى مايو سابقا باسم محمد الأمين دباغين، معتبرين ذلك عرفانا منه بالرجلين لما قدماه للثورة التحريرية وللوطن.