يلتحق اليوم التلاميذ بمقاعد الدراسة، بعد 15 يوما من العطلة، التي انتهت بدخول مدرسي على صفيح ساخن، حيث تهدد نقابات قطاع التربية بشن إضراب للمطالبة بتحقيق المطالب التي تقدمت بها لوزارة التربية الوطنية، في الوقت الذي صعد فيه أولياء التلاميذ من لهجتهم ضد الإضرابات المتكررة التي تضر بمصلحة التلاميذ وكانت عاملا أساسيا وراء النتائج الكارثية التي سجلت في الفصل الأول. وكشف السيد أحمد خالد، رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ ل«المساء”، أمس، أن الاتحاد ينشط حاليا من أجل التصدي لمحاولات الإضراب التي تهدد بها نقابات التربية الوطنية والتي تنوي استئناف الإضراب بعد عدم استجابة وزارة التربية الوطنية لأرضية مطالبها عقب اجتماعها بالوزير السيد عبد اللطيف بابا احمد في 31 ديسمبر الماضي. وأكد السيد أحمد خالد أن الاتحاد يجري اتصالات مكثفة مع كل النقابات لإقناعها بالتخلي عن الإضراب حماية لمصلحة التلميذ الذي يبقى الخاسر الوحيد في حال شن الإضراب الذي سيتسبب في تأخر إتمام البرنامج الدراسي. علما أن الإضراب الأخير الذي شنته النقابات أدى إلى تسجيل تأخر بثلاثة أسابيع. وبالرغم من قيام بعض الأساتذة بتعويض ساعات الإضراب بالتدريس فإن التلاميذ وجدوا صعوبة في استيعاب هذه الدروس نظرا لتراكمها وتقديمها بطريقة مختصرة أحيانا وسريعة أحيانا أخرى، وهو ما أدى إلى تسجيل نتائج هزيلة وصفت بالكارثية في الفصل الأول.وأضاف محدثنا أنه في حال عدم تخلي هذه النقابات عن قرار الإضراب فسيراسل أولياء التلاميذ الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، لطلب النجدة، ومناشدته التدخل لإيجاد حل من شأنه إنقاذ التلاميذ والمدرسة الجزائرية من الآثار السلبية للإضرابات المتكررة. وعبر العديد من أولياء التلاميذ الذين تحدثت معهم ”المساء”، أمس، عن تخوفهم من العودة إلى الإضراب، داعين الحكومة إلى إيجاد حلول استعجالية لحماية مصلحة التلاميذ الذين يبقى مستقبلهم مهددا بهذه الإضرابات التي لا تسمح بإتمام البرنامج الدراسي المكثف، ولا تسمح باستيعابه في حال إتمامه لأن الإضراب يجعل بعض الأساتذة عند تعويض الدروس يسرعون في تقديمها لإتمام البرنامج غير مبالين بمدى استيعاب التلاميذ لها -على حد قولهم -.كما عبر هؤلاء عن رغبتهم في عدم تكرار خطأ الفصل الأول الذي دفع التلاميذ ثمنه غاليا بعد أن تم تسجيل نتائج هزيلة في كل الأطوار الدراسية، داعين إلى التحلي بالضمير المهني والإنساني لاستدراك الوضع خاصة وأن الفصل الثاني مدته قصيرة مقارنة بالفصل الأول، لذا فلا يجب تضييع أي يوم منه في الاحتجاجات على حساب التلميذ ووضع مصلحة هذا الأخير فوق كل اعتبار.وسجل الفصل الأول من السنة الدراسية الحالية تأخرا في البرنامج الدراسي قدر بثلاثة أسابيع، وأكثر في بعض المؤسسات التربوية ببعض ولايات الوطن، سببه الرئيسي الإضراب الذي دام قرابة الشهر والذي اختلفت نسبة الاستجابة له من مدرسة إلى أخرى، مما أدى إلى التفاوت في نسبة التأخر، بالإضافة إلى نقص التأطير البيداغوجي ببعض المؤسسات خاصة بالمناطق الداخلية للوطن التي تشكو نقصا عدد أساتذة اللغات الأجنبية، ومناطق أخرى تعرف عجزا في عدد أساتذة بعض المواد كالرياضيات والفيزياء. ناهيك عن التخوف من تسجيل تأخر آخر ببعض المناطق كولاية غرداية التي تعيش في كل مرة على وقع احتجاجات ساخنة جعلت العديد من الأولياء يعزفون عن ترك أبنائهم يذهبون للمدارس خوفا عليهم من الاعتداءات التي قد يتعرضون لها في الخارج.وبالرغم من قرار الوزارة الوصية القاضي باستدراك كل الدروس التي لم يتم إتمامها بسبب الإضراب، فإن بعض المؤسسات التربوية لم تلتزم بقرار التعويض ولم تفتح أبوابها للاستدراك خلال أيام العطلة. وفي هذا السياق، أكد السيد مسعود بوديبة، الأمين الوطني المكلف بالاتصال بالمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ”الكنابست”، أن ”الأساتذة المنضوين تحت لواء هذه النقابة قاموا بتعويض كل أيام الإضراب بكل الولايات، مفندا أن يكون سبب التأخر المسجل في البرنامج الدراسي هو هذا الإضراب”. مشيرا إلى أن النقابات والأساتذة يولون أهمية كبيرة لمصلحة التلاميذ، الأمر الذي جعلهم يعلقون إضرابهم في شهر أكتوبر بالرغم من عدم تحقيق مطالبهم إلى حد الآن حفاظا على مصلحة التلاميذ بعد أن اتهموا بالتلاعب بمستقبل التلاميذ على حد قوله.وعن قرار استئناف هذا الإضراب كما يقال هذه الأيام أشار محدثنا إلى أن المجلس الوطني ل«الكنابست” سيجتمع قبل ال15 من جانفي الجاري لتقييم محضر اللقاء الذي جمع النقابات بوزارة التربية نهاية شهر ديسمبر، وهو من سيفصل في الأمر ولا يستبعد العودة للإضراب في حال عدم الاستجابة لمطالبه. أما الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين فأفاد على لسان المكلف بالإعلام، السيد عمراوي، أنه سيعقد اجتماعا لمجلسه الوطني، يوم الخميس المقبل، للفصل في قرار الدخول في الإضراب من عدمه. موضحا أن الفصل الثاني سيكون ساخنا لأن الاتحاد لن يتنازل عن شن إضراب مفتوح في حال عدم الاستجابة لمطالبه. وتتمثل هذه المطالب في ضرورة إنصاف معلمي وأساتذة التعليم الابتدائي الذين زاولوا تكوينا أو الحاملين لشهادة ليسانس، بإدماجهم في رتبتي أستاذ رئيسي ومكون تطبيقا لمبدأ العدالة بين الأطوار التعليمية الثلاثة، وكذا إنصاف الموظفين المشتغلين بالمناصب الآيلة للزوال، ويتعلق الأمر بمعلمي المدارس الابتدائية، أساتذة التعليم الأساسي، أساتذة التعليم التقني، المساعدين التربويين، موظفي المخابر، موظفي المصالح الاقتصاديةّ، ومستشاري التوجيه المدرسي، من خلال تثمين الخبرة المهنية لتمكينهم من الإدماج في الرتب المستحدثة، بالإضافة إلى فتح مناصب للترقية عن طريق الامتحان المهني لرتبتي أستاذ مكون ورئيسي في مختلف الأطوار التعليمية الثلاثة، وكذا العمل على إنصاف أسلاك التأطير بما يتماشى ورتبهم ومسؤولياتهم باستحداث ”منحة خاصة”، واسترجاع الحق الضائع لموظفي المصالح الاقتصادية والمهنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين وأعوان الأمن والوقاية.