إذا سألت المواطن البسيط عن سوق المواد الاستهلاكية فإنه يمطرك بوابل من الشكاوى، ويرمي إليك بحجم هائل من المطالب التي تتعلق بتحسين الإطار، ويقذف الكرة على الفور إلى مرمى المنتجين أو المستوردين وحتى الوصاية التي لا تتحكم في الأسعار وتترك المجال مفتوحا على مصراعيه. وإذا استقصيت منتجا ما عن وضعية نشاطه وحجم أرباحه، فإنه يضخم -بلا شك- من هول البيروقراطية والضرائب والعراقيل المفتعلة في توزيع سلعه، ويقلل من هامش الربح ويلقي باللائمة على البلدية والدائرة والولاية والوزارة الفلانية... وغيرها، وهو الأمر نفسه بالنسبة للمستورد عندما تسأله عن نار الأسعار فسيرجعها إلى المنشأ والسوق العالمية وحقوق الجمركة وفواتير الضرائب وربما الماء والكهرباء. بل وإذا عدت إلى مربط الفرس ورأس الأمر كله، وسألت الوصاية عن هذه الشكاوى والتبريرات التي صارت ككرة بين أقدام مختلف الأطراف، فإنك لا تجد من جواب شاف وكاف إلا تذكيرك بقوانين الجمهورية ونصوص القطاع التنظيمية، التي مفادها أن ”السوق حرة” وتخضع لقانون العرض والطلب، ولن يلقى المواطن خلال هذه ”الرحلة الاستفسارية” في الأخير من نصيحة لإزالة كوابيس الخوف من حالة القدرة الشرائية إلا بدعوته إلى مقاطعة استهلاك السلع الملتهبة، وهو ما يزيد في حيرة أي عاقل خاصة وأن الإشكالية لا يوجد حلها إلا في الإنتاج المحلي الوافر وتشجيع المستثمرين في المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الذي يساهم بدوره في الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي والرقي الثقافي وتلك هي نهاية الحيرة.