تستعد العديد من العائلات السكيكدية، بالخصوص تلك المتواجدة بالمناطق الداخلية من الولاية في أعالي المصيف القلي للاحتفال برأس السنة الأمازيغية التي تصادف 12 جانفي من كل سنة، وذلك من خلال إعداد العدة التي تتمثل في تحضير المادة الأولية التي تدخل في إعداد عشاء ليلة يناير، أو كما يعرف عند بعض العائلات الأمازيغية بالمنطقة ب ”أمنسي نناير” والمتمثلة أساسا في الثريدة التقليدية أو الكسكسي التقليدي الذي تقوم النسوة بإعداده في البيت الذي يتحول قبل يناير إلى شبه ورشة تجتمع فيه النسوة على فتل ما طاب لهن من السميد، وفي إعداد الثريدة، وحتى الشخشوخة وهن يرددن بأصوات منخفضة بعض التهاليل والأغاني والأهازيج الشعبية. والملاحظ أن هذه المظاهر المستمدة من عمق المجتمع بدأت تتلاشى شيئا فشيئا حسب ما أكدته لنا السيد ة فاطمة من نواحي القل، بأن العديد من الأسر وكغيرها من الأعياد والمواسم مازالت تحتفل برأس السنة الأمازيغية التي تمثل إرثا ثقافيا يجب المحافظة عليه .. فيما يقوم البعض باقتناء بعض المكسرات، وكذا شراء الديك الرومي أو ما يعرف بالديك البلدي الذي يعد ذبحه بهذه المناسبة تقليدا لدى المحتفلين. وفي ليلة يناير يتم تقديم الأطباق التالية الكسكسي أو الثريدة أو الشخشوخة بالدجاج المرفق بالمرق والمزين بمختلف الخضروات في صحن تقليدي كبير تجتمع حوله العائلة في أجواء حميمية تدفن فيه إلى الأبد الخصومات والنزاعات والخلافات من منطلق أنها الفرصة السانحة لاستقبال عام جديد تطوى فيه صفحات العام القديم، كما يعد الاحتفال فرصة للتآزر والتضامن مع المعوزين، فيما يتبادل الجيران مع بعضهم البعض أطباق المأكولات. كما تقوم العائلات في يوم أول يناير بإحضار البغرير أو ما يعرف محليا بالغرايف أو بعض الفطائر المعسلة تفاؤلا بسنة حلوة. ومن بعض العادات وإن كانت قليلة جدا فإن بعض العائلات تستغل هذه المناسبة لقص شعر الصبية لأول مرة. ويرى السيد عبد القادر 75 سنة، من أهالي أعالي المصيف القلي بأن السنة الأمازيغية الجديدة تتزامن أيضا عند العديد من الفلاحين والقرويين وسكان المناطق الجبلية مع نفاد المؤونة الغذائية أو ”العولة”، ومن ثم فهي فرصة للاستعداد للموسم الجديد بناء على حصيلة الموسم السابق لاستقبال موسم جديد يتوسمون فيه فأل خير ووفرة المحاصيل. للإشارة فإن بداية الاحتفال بيناير تعود حسب الروايات التاريخية إلى سنة 950 ما قبل الميلاد وهو تاريخ انتصار الملك البربري شيشناق على رمسيس الثاني فرعون مصر آنذاك. وحسب بعد الروايات الأسطورية كما سمعناها من أفواه بعض الشيوخ تشير إلى أن ”يناير” طلب من ”فورار” وهو شهر فيفري في التقويم الجورجي أن يعيره يوما لمعاقبة العجوز التي سخرت واستهزأت منه فحلت في ذلك اليوم عاصفة هوجاء عنيفة لقيت إثرها تلك العجوز حتفها، فأصبح ذلك اليوم في الذاكرة الجماعية رمزا للعقاب الذي قد يحل على كل من تسول له نفسه الاستخفاف بالطبيعة.